خلف التغييب شبه التام للمرأة من هياكل مجلس المستشارين موجة من الاستياء والرفض في الأوساط الحقوقية والنسائية المغربية. وقد عبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة عن استغرابها العميق وامتعاضها الشديد إزاء هذا التراجع الصارخ عن المبادئ الدستورية الأساسية التي تؤطر عمل هذه المؤسسة الدستورية.
كشفت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، بشرى عبدو، أن الفرق والمجموعات النيابية بمجلس المستشارين قد تجاهلت بشكل صريح مبدأ التمثيلية النسائية خلال عملية التصويت على أعضاء المجلس في مناصب المسؤولية البرلمانية. وتجلى هذا التجاهل بشكل صارخ في النتائج النهائية للتصويت، حيث لم تحظ سوى امرأة واحدة بمنصب قيادي من أصل 18 منصبا، وذلك على رأس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين في الخارج.
هذا الواقع يتناقض بشكل صارخ مع مقتضيات المادة 16 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، التي تنص صراحة على ضرورة ضمان التمثيلية النسائية في مختلف أجهزة المجلس. كما يشكل نكوصا واضحا عن روح دستور 2011، الذي كرس مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وعن مضامين القانون التنظيمي لمجلس المستشارين الذي يؤكد على أهمية المشاركة السياسية للمرأة.
وقد اعتبرت جمعية التحدي هذا السلوك ممارسة تراجعية تتعارض مع التوجهات العامة للمملكة والتراكم المكتسب على مستوى الحقوق السياسية للمرأة. فالمغرب الذي طالما شكل نموذجا إقليميا في مجال تعزيز حقوق المرأة، يواجه اليوم تحديا حقيقيا يتمثل في الفجوة بين النصوص القانونية والممارسة الفعلية.
وفي ظل هذا الوضع، دعت الجمعية الفاعل السياسي إلى تحمل مسؤولياته وتجنب تكرار مثل هذه الممارسات التي تسيء لصورة المغرب وتقوض جهوده في مجال النهوض بأوضاع المرأة. فالتمثيلية النسائية في المؤسسات السياسية ليست ترفا، بل هي ضرورة ديمقراطية تعكس مدى التزام الدولة بتعزيز المشاركة السياسية للمرأة وضمان حقوقها الدستورية.
إن نضالات الحركة النسائية المغربية، التي توجت بمكتسبات دستورية وقانونية هامة، تتطلب اليوم ترجمة حقيقية على أرض الواقع من خلال تمثيلية فعلية للمرأة في مواقع صنع القرار. ويبقى التحدي الأكبر هو تجاوز العقليات المحافظة التي لا تزال تعيق التقدم نحو تحقيق المساواة الحقيقية في المجال السياسي.