تثير زيارة وفد مغربي، تم تقديمه على أنه “صحفي”، إلى إسرائيل، العديد من التساؤلات بسبب التكتم الشديد حول هوية المشاركين، وكأننا أمام عملية سرية محكمة. وبينما تُعد حرية الصحفي أو مدير النشر في اختيار زيارة أي بلد حقًا مكفولًا، يظل الغريب هو ذلك التصريح بأن هناك تعليمات صارمة من جهات إسرائيلية فرضت هذا التكتم. هذه الخطوة تمس جوهر مهنة الصحافة وتدفعنا للتساؤل عن استقلالية الصحفيين المغاربة وحيادهم.
تواصلت إكسبريس تيفي، في سعيها لمعرفة تفاصيل هذه المسألة، مع السيد ليور بيندور المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية عبر رسالة رسمية أرسلتها السيدة نجيبة جلال، والتي جاء فيها:
أكتب إليكم بصفتي نجيبة جلال، صحفية مغربية حظيت بفرصة زيارة بلدكم في عام 2021، وهي تجربة أحتفظ بذكريات جميلة عنها. إلا أنني علمت مؤخرًا بتنظيم رحلة صحفية لمجموعة من الصحفيين المغاربة في سرية تامة، مع تعليمات بعدم الإفصاح عن أسمائهم.
اسمحوا لي أن أعبر عن قلقي إزاء هذا النهج، الذي يبدو، مع كل الاحترام، وكأنه يخلق جواً من عدم الثقة حول هذه المبادرة. فالصمت المفروض بشأن أسماء الصحفيين المدعوين يثير تساؤلات ويضفي ظلالاً من الشك، مما قد يضر بمبدأ الشفافية والمصداقية لمثل هذه الزيارة.
كصحفية، أؤمن بشدة بحرية زيارة وتغطية المناطق والدول التي نرغب في استكشافها. غير أن فرض السرية على هوية المشاركين يهدد ليس فقط حيادية الصحافة المغربية، بل ويعرض كذلك نوايا هذه الزيارة للشكوك غير المبررة.
أشكركم على تفهمكم، وآمل بصدق أن يتم النظر في إجراء بعض التعديلات لضمان بيئة من الثقة التي تدعم حرية الصحافة وتحترم قيمنا المتعلقة بالشفافية.
مع فائق الاحترام،
إلى حدود هذه اللحظة، لم نتلق أي جواب رسمي من السيد بيندور أو من أي جهة مسؤولة، ونظل في انتظار رد يوضح الغموض المحيط بهذه الزيارة.
يبقى السؤال الأهم: هل كان هذا التكتم حول اختيار أعضاء الوفد مجرد خطأ ناتج عن نصيحة غير مدروسة من شخص يفتقر لفهم أصول الاستشارة الإعلامية، أم كان قرارًا واعيًا يرمي إلى إثارة الجدل وصناعة الإثارة الإعلامية؟ الحقيقة تظل واضحة: غياب الشفافية يهدد مصداقية العمل الصحفي، ويجعلنا نتساءل بمرارة عن معايير وأهداف مثل هذه الزيارات.