عبد اللطيف وهبي – المحاماة درع التوازن وحصن المؤسسات في وجه الشعبوية

عبد اللطيف وهبي – المحاماة درع التوازن وحصن المؤسسات في وجه الشعبوية

- ‎فيسياسة, واجهة
عبد اللطيف وهبي
إكسبريس تيفي

بقلم : نجيبة جلال

خلال كلمته في الدورة الأولى للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، شدد وزير العدل عبد اللطيف وهبي على أن مهنة المحاماة كانت عبر التاريخ حامية للتوازن بين الحقوق والسلطة، مشيراً إلى أن هذا الدور أصبح أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن. هذا التصريح يأتي في وقت تواجه فيه المؤسسات بالمغرب، بما في ذلك مهنة المحاماة، موجة متصاعدة من الشعبوية التي تهدد قيم العدالة وسيادة القانون.

لقد ظلت المحاماة على الدوام سداً منيعاً أمام التجاوزات، حيث لعبت دور الوسيط العادل بين المواطن والدولة، وضمنت حماية الحقوق من تعسف السلطة. لكن في ظل السياقات الحالية التي تتسم بمحاولات ممنهجة لتقويض المؤسسات وإغراقها في خطاب شعبوي يسعى إلى تمييع أدوارها، تبدو المحاماة مطالبة أكثر من أي وقت مضى باستعادة دورها المحوري في بناء الثقة وضمان التوازن.

ما نشهده اليوم من محاولات لإقحام المؤسسات الوطنية، بما فيها مهنة المحاماة، في سجالات شعبوية ضيقة، يهدد بتقويض دورها كحامية للعدالة. أصبحت بعض الخطابات تروج لفكرة أن المؤسسات، بما فيها المحاماة، أداة للهيمنة أو التربح، في محاولة لتشويه سمعتها وضرب استقلاليتها. هذا الوضع يضع المحامين أمام مسؤولية مزدوجة: الدفاع عن كرامة المهنة وحمايتها من الاستغلال السياسي، وفي الوقت نفسه تعزيز دورها في الدفاع عن الحقوق ومراقبة السلطة.

تصريح وهبي يأتي كتنبيه بأن المحاماة ليست مجرد مهنة قانونية، بل شريك أساسي في معركة مواجهة الشعبوية التي تحاول طمس الحدود بين الحق والباطل، بين المؤسساتية والفوضى. إنها دعوة لإعادة الاعتبار لدور المحاماة كمهنة ملتزمة بالمبادئ والقيم، قادرة على الوقوف في وجه حملات التشكيك والتبخيس التي تستهدف المؤسسات كافة.

المغرب اليوم بحاجة إلى محامين يملكون الشجاعة للدفاع عن القوانين في وجه الشعبوية التي تسعى لتفكيك منظومة العدالة، عبر الترويج لشعارات سطحية لا تخدم إلا أصحاب المصالح الضيقة. إن دور المحاماة في هذا السياق يتجاوز الدفاع عن موكليها إلى الدفاع عن المجتمع ككل، وحماية القيم التي تجعل من العدالة أساساً لاستقرار الدولة وسيادة القانون.

كلمات وهبي تذكرنا بأن مهنة المحاماة ليست ترفاً قانونياً، بل ركيزة أساسية في معركة الدفاع عن المؤسسات ضد موجة الشعبوية التي تستهدفها، وهي دعوة صريحة للمحامين للانخراط بقوة في هذه المعركة من أجل الحفاظ على توازن ضروري بين الحقوق والسلطة.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *