بقلم ✍️ نجيبة جلال
أزاح التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات الستار عن تفاصيل صادمة تتعلق بصفقة تحلية المياه، مسلطًا الضوء على سنوات طويلة من التأخير، وسوء تدبير مشاريع حيوية كانت كفيلة بإنقاذ المغرب من أزمة المياه التي أصبحت واقعًا مريرًا.
مشروع تحلية المياه بالدار البيضاء، الذي كان مبرمجًا منذ أكثر من عقد، بقي مجرد فكرة على الورق. في 2010، حُددت أهداف طموحة لإنتاج 125 مليون متر مكعب سنويًا بحلول 2018، لكن لم يُطلق طلب العروض إلا في 2022، حين أصبحت الأزمة لا تُحتمل، ومع ذلك تمت إعادة برمجة المشروع بشكل استعجالي لتوسيع الإنتاج إلى 300 مليون متر مكعب بحلول 2025-2026.
التقرير كشف بشكل غير مباشر عن مسؤولية الحكومات المتعاقبة في هذه الأزمة، حيث يظهر أن مشاريع إنقاذية بهذا الحجم لم تجد من يتحمل مسؤوليتها على مدى سنوات. اليوم، ومع إطلاق هذا الورش الكبير، برز الجدل حول تضارب المصالح مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي وجد نفسه في قلب الانتقادات، لا لشيء سوى لأنه قرر أخيرًا كسر حالة الجمود وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
قد يكون النقاش حول المصالح مشروعًا، لكن الواقع الذي يفرض نفسه هو أن المشروع، الذي ظل معلقًا لسنوات، كان يمكن أن يُنفذ منذ زمن طويل لو تولاه مستثمر آخر. في المقابل، اختارت الحكومات السابقة الانتظار، في وقت كان فيه المغاربة يقتربون أكثر فأكثر من حافة العطش.
اليوم، يجب أن نطرح السؤال بواقعية: هل ننتظر أطول؟ أم ننظر إلى الحلول التي أصبحت ممكنة الآن؟ أخنوش، من موقعه اليوم كرئيس حكومة، قد يكون الخيار الضروري لتنفيذ مشروع تأخر 14 عامًا، والبديل كان استمرار الأزمة بلا أفق واضح.
تقرير المجلس الأعلى للحسابات لا يعفي أحدًا من المسؤولية، لكنه يضع الأمور في سياقها. المهم الآن هو ضمان تنفيذ المشروع بجودة وكفاءة، لأن المغاربة لا يمكنهم تحمل انتظار أطول. العطش لا ينتظر، وكل ما عداه يمكن معالجته لاحقًا.