هذه هي أسباب معارضة المحامين لمشروع قانون 43.05 المتعلق بغسل الأموال 

هذه هي أسباب معارضة المحامين لمشروع قانون 43.05 المتعلق بغسل الأموال 

- ‎فيسياسة, واجهة
0
IMG 20200930 WA0037 ConvertImage
إكسبريس تيفي

تفاجأ المحامون بجميع هيآت المغرب حول مادة بمشروع قانون غسل الامول في اقحام غير مستصاغ لصفة المحامين بعبارة صريحة موجهة اليهم و اعتبارهم أشخاص خاضعين ملزمين بمجموعة من الاجراءات التي اعتبرها المحامون غير منطقية و غير موضوعية و تخالف أعراف و تقاليد مهنة المحامون و تنتهك حرمة القانون المنظم لمهنة المحاماة و الانظمة الداخلية لهيآت المغرب و خاصة فيما يتعلق بالسر المهني و علاقة المحامي بموكله .

و كان ذلك دون اشراك هيآت المحامين بالمغرب فيما خلصت له وزارة العدل .حتى و ان تعلق الامر بمشروع لازال في صيرورته التشريعية و لم ينشر بعد بالجريدة الرسمية ..

الا أن المحاماة تبقى مهنة حرة مستقلة لا يمكن لأي جهاز وزاري ان يتطاول على مهام المحامين في غفلة منهم و دون اشراكهم و خاصة ان الامر يعتبره المحامون أخلاقي أكبر من كونه يتعلق بالسر المهني و الثقة المفروضة و المتبادلة بين المحامي و موكله ..

و تأتي مواد مشروع قانون 43.05 الى جعل المحامين أشخاص خاضعين تحت اطار واجب اليقظة وواجب التصريح .

واجب اليقظة التي جاء بها المشروع و تتعلق بالفطنة و النباهة التي يتمتع بها المحامي في كشف موكله ان كان مراوغا او غامضا او متهربا في الكشف عن مصدر امواله .

ثم واجب التصريح الذي يجعل المحامي خاضعا لوحدة معالجة المعلومات المالية فتجعله في اطار الاشتباه في موكله و في مصدر امواله حتى و ان كان الاشتباه غير ذي مؤشرات قوية و حتى ان لم تكن هناك ادلة اثبات كافية انما مجرد مقدمات تتطلب اليقظة و التحري ..

على سبيل المثال و ليس الحصر
-ان تهرب الموكل بالادلاء بهويته الحقيقة
– ان امتنع الموكل عن تقديم بعض المعلومات او الوثائق
-ام امتنع عن اتمام العملية بشكل مفاجئ دون مبرر
-اذا اصر على اداء ثمن العقار نقدا
-اذا اصر على شراء عقار لا يتوالم مع وضعيته المالية
-اذا رغب في اقتناء عقار بثمن كبير جدا او قليل جدا و لا يتوافق و قيمة العقار الحقيقية
-اذا كان اداء ثمن العقار بواسطو شخص اخر غير الموكل او من طرف مؤسسة مالية اخرى خاصة اذا كان موطنهم او مقرهم الاجتماعي يوجد بأحد المدن او الدول المعروفة بالسر البنكي المطلق او معروفة بغسل الاموال او الاتجار بالمخدرات و كانت من الدول المدرجة في اللائحة التي تعدها gafi « باعتبارها دول غير متعاونة
-اذا تبث ان الموكل يغير مكاتب المحامين باستمرار و دون سبب
-اذا كان الموكل قد لجأ لمحامي في مدينة غير التي يقطنها و دون سبب موضوعي
-اذا كان العقار موضوع البيع او الشراء انتقل بين عدة اشخاص في وقت قصير جدا و دون سبب موضوعي و جدي
-اذا كان انتقال العقار من طرف شخص مغربي الى شخص أجنبي
معطيات و مؤشرات كثيرة جدا و غير محصورة تدفع الموكل للاشتباه في ان العملية غير نظيفة جعلت للتصريح بالاشتباه شكليات ضمنت في المواد 9 .10.11.12.16 من المشروع 43.05
اذ يجعل تقديم التصريح بالاشتباه كتابة و في حالة الضرورة القصوى التي تستوجب تقديم التصريح شفويا شريطة تأكيده كتابة بعد ذلك
ويجب ان يقدم التصريح وفق الشكليات التي قررتها وحدة معالجة المعلومات المالية .

الغريب في مواد مشروع قانون 43.05 انه جعل للمحامين ضمانات كبيرة جدا في التبليغ عن الاشتباه في موكليهم تعفيهم من أي مسؤولية مدنية او جنائية ومن الوشاية الكاذبة و تجردهم من السر المهني مع الحفاظ على سرية التصريح دون اي مسؤولية مستقبلا سواء تمت متابعة الشخص و ادانته او حتى الحكم ببرائته ..

غير أنه ما خفي على وزارة العدل أن أمر كشف موكل بناء على شكوك أو اشتباه يضرب في صميم و عمق مهنة المحاماة و اخلاقياتها و ان مهنة المحاماة لا يمكن ان تكون خاضعة لأي جهاز كيفما كان و لا يمكن للمحامين أن يهدموا الثقة الواجبة بينهم و بين موكليهم و لا يمكن باي شكل أن تجعل من المحامين واشين او مخبرين مهما جملت المصطلحات ..

فعلاقة المحامين بموكليهم تنبني على الصدق و الوفاء و الالتزام بالعناية القانونية و الدفاع و المؤازرة و ليست بالوشاية و الاشتباه .
مما جعل مواد مشروع قانون 43.05 غير مقبولة اطلاقا بالنسبة للمحامين و لا يمكن تجاوزها باي شكل كان.

و سيقول قائل أن المشرع المغربي لم يشدد في المفهوم المطلوب للسر المهني،
فالالتزام بالسر وفق نص الفصل 446 من القانون الجنائي والقائم على المصلحة الاجتماعية قد يزول أمام مصلحة اجتماعية أعلى منها، وهو يؤكد تلك الاستثناءات الواردة على الالتزام بالسر المهني
ومن ثم يكون النظام العام النسبي هو الاساس الحقيقي للسر المهني، وبذالك تكون المصلحة العامة هي مبرر تدخل الآلة الجنائية لحمايته في النهاية.

حيث نص الفصل 446 من القانون الجنائي الذي جاء فيه بأن كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه ، يعاقب بالحبس من شهرواحد إلى ستة (6) أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.

غير ان الاخلاق المهنية و اعراف و تقاليد مهنة المحاماة بالنسبة للمحامين اقوى و اكبر من أي اقحام للصفة في مواد مشروع قانون دون اشراكهم و موافقتهم صراحة وفق ما تقتضيه اعراف مهنة المحاماة و تقاليدها و قانونها و نظامها الداخلي .

فالالتزام بكتمان أسرار الغير بالنسبة للمحامين هو واجب اخلاقي تقتضيه مبادئ الشرف والأمانة، حيث تكمن أهمية السر في اتصاله المباشر بالحياة الخاصة لموكله ،
فهو يمثل جانبا من أهم جوانب الحرية الشخصية والأصل أن للفرد الحق في الاحتفاظ بأسراره وله إن شاء أن يدلي بها أو ببعضها إلى من يثق به، هنا يتوجب على المعهود له بالسر أن يكتمه و خاصة ان كان محاميا ، لان حفظ السر ميزة داخل مهنة المحاماة ، و واجبا أخلاقيا هاما،

و بالتالي فإن ما ذهب اليه مشروع قانون 43.05 لا يمكن ان ينسجم مع تطلعات هيآت المحامين بالمغرب .

ذة فاطمة الزهراء الابراهيمي
محامية بهيئة المحامين بالدار البيضاء

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *