على هامش قضية المطرب سعد لمجرد: عقليات مريضة
امين مشبال
عقليات مريضة
يمكن تناول قضية الحكم الذي صدر مؤخرا من القضاء الفرنسي في حق المغني سعد المجرد من عدة زوايا، لكنني سأقتصر في هذه الخاطرة على نقطتين أراهما تكتسيان أهمية بالغة باعتبارهما يشكلان جزءا لا يتجزأ من واقعنا الاجتماعي.
الزاوية الأولى تتمثل في حضور لافت لعقلية تقليدية،لها جذورها في مجتمعاتنا العربية، تعتبر أن بقاء رجل وامرأة تحت سقف واحد لوحدهما دون ان يدور في بال أحدهما أو هما معا التفكير في ممارسة الجنس أمرغير ممكن لأن الشيطان يكون ثالثهما. وبارتباط وثيق مع ذلك تعتبر تلك العقلية أن رفض المرأة حينها لمقدمات الرجل ليس رفضا وامتناعا بل هو من مظاهر التدلل أومجرد عمل بالقولة الشهيرة”يتمنعن وهن الراغبات”!
الزاوية الثانية تتلخص في كون عدد لا يستهان به من حديثي النعمة ببلادنا، أو ممن ازدادواوفي أفواههم ملعقة من ذهب، لا يأبهون ولا يخشون من خرق القانون لأن في حالة تورطهم في مشاكل ما فإن ثروتهم أو ثروة أسرهم ، التي عادة ما تكون مصحوبة بنفوذ اقتصادي أو سياسي وعلاقات متشابكة في دواليب الإداراتـ ، تجعل المساطر القانونية تنظر لتجاوزاتهم بعين العطف ويخرجون حتى ولو من ثقب الإبرة سالمين غانمين.
وعلى ما يبدو فإن مطربنا المدلل وقع في المحظور لأن المرأة الغربية لا تعتبر تواجدها،لسبب من الأسباب، مع رجل ما في غرفته أنها تقبل بأن تقتسم معه لحظات من المتعة الحميمية، بل وحتى إذا قبلت في البداية بعض “المقدمات” ثم غيرت رأيها فإنه لا يحق له بأية حال من الأحوال بأن يجبرها على مواصلة “الجلسة” بالعنف واستعمال القوة لأن القانون سيعتبره قد مارس الاغتصاب على تلك السيدة. من جهة ثانية يبدو أن مطربنا المدلل كان ضحية اختلاط الجغرافيا لأن في بلاد العجم أو “الكفار”، حيث توجد دولة مؤسسات فإن الأمور ،في غالب الأحيان ، لا تدبر بمنطق الرشاوي والتدخلات و “باك صحبي”.