إكسبريس تيفي /
كلمة السيد الوكيل العام للملك
رئيس النيابة العامة
بمناسبة
تنظيم سلسلة دورات تكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين على النيابات العامة وقضاة التحقيق ومسؤولي الشرطة القضائية
حول موضوع:
(العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية)
الدار البيضاء
من 21 إلى 23 يونيو 2023
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
-السيد محمد الدخيسي والي الأمن مدير الشرطة القضائية، نيابة عن السيد المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني؛
-السيد العميد محسن بوخبزة، رئيس المصلحة المركزية للشرطة القضائية، نيابة عن السيد الفريق الأول قائد الدرك الملكي؛
-السيد ممثل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
-السيدات والسادة المسؤولون بالإدارة المركزية برئاسة النيابة العامة والإدارة العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي؛
-السيدات والسادة المسؤولون القضائيون ؛
-السيدات والسادة قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق؛
– السيدات والسادة ضباط الشرطة القضائية؛
– حضرات السيدات والسادة الأفاضل كل باسمه وصفته والتقدير الواجب لشخصه.
إنه لمن دواعي الفخر والسرور أن أحضر معكم افتتاح الدورة التكوينية الثالثة حول “العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية” التي تنعقد بمدينة الدار البيضاء الغراء والنبض الاقتصادي للمملكة، بعد دورتي فاس ومراكش. وبهذه المناسبة ، أرحب بهذه الثلة الخيرة من المشاركين في هذه الدورة التكوينية من مسؤولين قضائيين عن النيابات العامة ونوابهم الأولين وقضاة التحقيق ومسؤولين مركزيين وجهويين ومحليين، وضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن الوطني والدرك الملكي والعاملين أيضا بالدوائر الاستئنافية بكل من الدارالبيضاء، الجديدة، سطات، خريبكة وبني ملال الساهرين على بذل الجهود المتواصلة من أجل التصدي لكل أصناف الجريمة وعلى استتباب أمن وطمأنينة المجتمع والذود عن المصالح العليا لبلادنا والسهر على تكريس الأمن القضائي وحماية النظام العام تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتأييد.
كما أتقدم بذات المناسبة أيضا بأصدق عبارات الشكر والتقدير للسيد المدير العام للإدارة العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، والسيد قائد الدرك الملكي على تفاعلهما الإيجابي والدائم مع كل المبادرات الهادفة إلى تعزيز جسور التعاون والتواصل والتنسيق بين كل مكونات أجهزة العدالة الجنائية، وكذا من أجل تطوير أداء السادة ضباط الشرطة القضائية والرفع من مستوى تكوينهم في شتى مجالات اشتغالهم. والذي نأمل الرفع من مستواه وفق ما يمكن من ضمان عدالة فعالة وناجعة ببلادنا.
حضرات السيدات والسادة؛
تنعقد هذه الدورة التكوينية في إطار تنفيذ البرنامج الذي تم التوافق عليه مع المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي من أجل تجويد الأبحاث الجنائية وتقوية الجانب الأخلاقي في تدبير المهام المشتركة، بالإضافة إلى تتبع وتقييم مخرجات اللقاء التواصلي المنعقد بالمعهد العالي للقضاء يومي 11 و12 يونيو 2021، والذي تمخضت عنه مجموعة من التوصيات انصبت أساسا على تعزيز التواصل والتشجيع على عقد اجتماعات بشكل مستمر بين كافة مكونات أجهزة العدالة الجنائية محلياً وجهوياً ومركزياً.
وتجسد هذه الدورات التكوينية المقاربة التشاركية التي تحرص رئاسة النيابة العامة على تكريسها من خلال الانفتاح على كل مكونات أجهزة العدالة الجنائية إيماناً منها بكونها السبيل الأمثل لملامسة الإشكالات والإكراهات التي قد تعيقها في ممارستها العملية وتحول دون بناء عدالة قوية تستجيب لتطلعات المواطنين.
ولعل هذا ما يؤكده التعاون والتنسيق المستمر مع الرئاسة المنتدبة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بشأن تحسين أداء العدالة وتعزيز قدرات من يشرفون على تدبيرها، تعيين السيد الرئيس المنتدب لثلة من السادة قضاة التحقيق للمشاركة معنا في أشغال هذه الدورة التكوينية والاستفادة من محاورها لطرح الصعوبات التي تعترضهم في ممارستهم المهنية والتي تتقاطع مع عمل النيابة العامة والشرطة القضائية، والتي أغتنم هذه المناسبة لأتوجه له بالشكر الجزيل والامتنان على انخراطه المتواصل في كل الجهود والمبادرات المتميزة التي تستهدف تعزيز قدرات القضاة وضباط الشرطة القضائية على مختلف أصنافهم والدفع بهم قدما لتحقيق المزيد من النجاعة القضائية .
حضرات السيدات والسادة؛
بقدر ما نعرب عن اعتزازنا بنجاح الدورتين السابقتين المنعقدتين بكل من فاس ومراكش بقدر إحساسنا بالاطمئنان والمسؤولية لمواصلة الجهود لإنجاح هذه الدورة التكوينية الثالثة سواء من حيث التنظيم والحضور والتفاعل مع كل محاورها والتوصيات والمقترحات التي تمخضت عنهما ، والتي لا شك في كون تنزيلها بالشكل الأمثل سوف يمكن من تجاوز العديد من الصعوبات التي تظهر على مستوى إنجاز الأبحاث التمهيدية، وكذا الرفع من منسوب الوعي لدى الفاعلين في إنتاج العدالة الجنائية بضرورة تكريس مبادئ النزاهة والحياد حين ممارسة مهامهم باعتبار ذلك من مقومات تعزيز ثقة المواطن في عدالة بلاده.
لذلك يبقى الأمل معقودا على هذه الدورة لبلورة توصيات أخرى تنضاف إلى سابقتيها لنخرج في نهاية المطاف بمقترحات تجيب على كل التساؤلات والإشكالات المطروحة ولا يخامرني أدنى شك في تحقيق هذا المبتغى بالنظر لقيمة المتدخلين والمشاركين في أشغالها.
حضرات السيدات والسادة؛
يعتبر تجويد آليات العدالة الجنائية من بين اهم الأهداف التي نسعى إليها من خلال هذه اللقاءات التواصلية ، وهذا ما يعكس الرغبة التي تحدونا جميعا من اجل استعراض واقع العدالة الجنائية ببلادنا وتطوير أساليبها وتعزيز مرتكزاتها القائمة على تأهيل المكلفين بإنجازها من أجل تحقيق عدالة تتميز بالفعالية وجودة الأداء ، وهو الأمر الذي لا يمكن ان يتأتى إلا من خلال تشخيص واقعها ورصد المكتسبات التي تحققت ومكامن الضعف والقصور التي ظهرت أثناء الممارسة العملية، والوقوف على الإكراهات التي تعترض القائمين عليها، لذلك يعد اجتماعنا في هذا اليوم المبارك مناسبة للتفكير بشكل مشترك ومسؤول في الحلول الممكن اعتمادها لتفادي كل الإشكالات المطروحة. وفق ما يضمن حماية متوازنة لمصالح أطراف الخصومة الجنائية، وتكريس قواعد المحاكمة العادلة.
وفي هذا الإطار يشكل البحث الجنائي أحد المداخل الأساسية لإرساء قواعد المحاكمة العادلة التي تعد مبدأً كونيا ودستوريا راسخاً، وآليةً تمكن الضحايا والمشتكين من بسط تظلماتهم وشكاياتهم تكريساً لتيسير الولوج إلى العدالة باعتباره من الحقوق الدستورية المكفولة للأفراد، لذلك فإنه بحرص الشخص المكلف بالبحث الجنائي على حسن استقبال المشتكين والضحايا والتواصل معهم، والسعي إلى احترام الضمانات المخولة للأطراف ومراعاة الشكليات والضوابط الإجرائية الناظمة لإنجاز الأبحاث، يكون قد ساهم في تعزيز ضمانات شروط المحاكمة الجنائية والرفع من منسوب ثقة المتقاضين في عدالتهم.
وفي نفس السياق يقع على عاتق المكلفين بإنجاز الأبحاث الجنائية والمشرفين عليها الحرص على ضمان تمتع المشتبه فيهم بكافة الضمانات المخولة لهم قانونا كإشعارهم بالأفعال المنسوبة إليهم، وحقهم في التزام الصمت، والمساعدة القانونية، والحق في مؤازرة الدفاع، واحترام مدة الوضع في الحراسة النظرية وضوابط تمديدها والاستفادة من التغذية واحترام الكرامة الإنسانية، وما إلى ذلك من الضوابط المؤطرة للبحث الجنائي، على اعتبار أن الإخلال بهذه الحقوق يشكل أساسا للدفوع الشكلية التي قد يثيرها الدفاع أثناء المحاكمة وهو ما قد يترتب عنه التصريح ببطلان المحاضر أو الإجراء المعيب، كما يكون في بعض الأحيان مدخلا لتقديم تظلمات أو شكايات أمام القضاء الوطني أو بلاغات فردية أمام المؤسسات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الانسان مع ما قد ينجم عن ذلك من تداعيات سلبية على صورة العدالة ببلادنا ، ويقوض كل المجهودات الجبارة التي يتم بذلها في سبيل تكريس حماية الحقوق والحريات وتفعيل شروط المحاكمة العادلة وفق ما نص عليه دستور المملكة والمواثيق الدولية ذات الصلة بالموضوع.
كل ما سبق بيانه يبرز بشكل واضح الأهمية القصوى التي يحظى بها البحث الجنائي باعتباره أحد المقومات الأساسية للعدالة الجنائية وأحد المؤشرات التي يَرْكَنْ إليها كل متتبع لها بما في ذلك الدفاع وأطراف الخصومة لتقييمها، وهذا ما يتطلب منا جميعاً تقييم واقع إنجاز الأبحاث الجنائية، من خلال عملية تشخيص دقيق لهذا الواقع نثمن من خلاله المكتسبات والممارسات الجيدة، ونرصد من خلاله أيضا الصعوبات التي قد تعيق إنجازها بالشكل المطلوب، ومن دون شك فأنتم من خيرة المسؤولين الساهرين على إنفاذ القانون، لكم من التجارب المهنية ما يكفي لبلورة تصورات وأفكار قادرة على إيجاد الحلول للإشكاليات القانونية والواقعية بما يساعد على الرفع من نجاعة عدالتنا وفق ما نصبوا إليه سواء كمشرفين على تدبيرها أو كمنتفعين من خدماتها.
حضرات السيدات والسادة؛
لا يخفى على حضراتكم أن البحث الجنائي يشكل أحد أهم ركائز المحاكمة الجنائية من خلال الحجية التي أضفاها المشرع المغربي على محاضر الشرطة القضائية لا سيما في الجنح بمقتضى المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية، مما يفرض على المحقق إبراز دوره الإيجابي في البحث الجنائي الذي يجريه، والمبادرة إلى تجميع كافة المعطيات الضرورية ، واستخلاص الأدلة المفيدة من مسرح الجريمة بشكل احترافي وإدارة عملية الاستماع لأطراف القضية بمهنية عالية، وأن يظهر مجهوده الشخصي في كل ما قام به من إجراءات من أجل الكشف عن الحقيقة، بما يُمكن من إنجاز محضر قانوني يمكن للعدالة أن تركن إليه كوسيلة إثبات للوقائع المعروضة عليها من جهة، وبالشكل الذي يجعل ذلك المحضر يعكس مستوى المؤهلات العلمية والمهنية التي يتسم بها ضابط الشرطة القضائية الباحث وذلك حتى يتأتى اعتماده من طرف كل ضابط للشرطة قضائية خلال ممارسته لمهامه كمحضر نموذجي يمكن الاستئناس به في الأبحاث التي يقومون بها.
وإذا كانت مظاهر وأساليب ارتكاب الجريمة أصبحت تتخذ طابعا أكثر تنظيماً مستغلة في ذلك التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم والذي أفرزه بروز أشكال مستحدثة من الجرائم، فإن ذلك يقتضي تطوير مهارات وقدرات الأشخاص المكلفين بإنجاز الأبحاث الجنائية والمشرفين عليها من خلال اعتمادهم على الوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة لفك ألغاز الجريمة وملاحقة المجرمين واعتماد الخبرات التقنية والعلمية بمختلف أشكالها وتقوية مهاراتهم للتعامل مع الأدلة الرقمية وأخذ العينات من مسرح الجريمة بشكل يحافظ على آثارها ويكون مفيدا للبحث.
وفي هذا الإطار أود أن أشير إلى أن القضاء المغربي أصبح يعتمد في العديد من أحكامه على الدليل العلمي كوسيلة لإثبات بعض الجرائم التي قيدها القانون بشكليات معينة كما هو الحال بالنسبة لجريمة الخيانة الزوجية التي اشترط القانون لإثباتها إما حالة التلبس أو الاعتراف، إذ ذهب في هذا الإطار إلى السماح بإثباتها بمقتضى التسجيلات المثبتة بالكاميرات كما اعتمد أيضا الخبرة الجينية كوسيلة لإثبات جرائم أخرى كجرائم العرض.
هذه الأمثلة وغيرها دليل على الأهمية القصوى التي بات يشكلها الدليل العلمي في مجال الأبحاث الجنائية، وهذا ما يقتضي من أجهزة إنفاذ القانون مواكبة التطور التكنولوجي والرقمي ومهارة توظيفه في مجال محاربة الجريمة.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
إن تطوير العدالة الجنائية لا يتوقف فقط على الرفع من جودة الأبحاث وتحديث آليات وأساليب اشتغالها وتأهيل العاملين بها، فعلى الرغم من أهمية كل هذه الأشياء إلا أنها لا تكفي لوحدها ما لم نستطع كسب ثقة متتبعي العدالة وثقة المتقاضين وأطراف الدعوى العمومية في هذه الأبحاث، لذلك تعتبر قيم النزاهة والمروءة والتحلي بالأخلاق المهنية أحد أهم المقومات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها العاملون في مجال العدالة، حيث يشكل تخليق الحياة العامة أحد التوجهات الملكية السامية التي ما فتئ جلالة الملك يؤكد عليها في خطبه السامية من بينها ما ورد في نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالته دام عزه ونصره إلى الأمة يوم الثلاثاء 30 يوليوز 2013 بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لعيد العرش المجيد والذي جاء فيه ما يلي: (ومهما تكن أهمية هذا الإصلاح، وما عبأنا له من نصوص تنظيمية، وآليات فعالة، فسيظل “الضمير المسؤول” للفاعلين فيه، هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته) انتهى النطق الملكي السامي ، كما جاء أيضا في خطابه السامي الموجه إلى الأمة يوم الإثنين 29 يوليوز 2019 بمناسبة الذكرى العشرين لاعتلائه عرش أسلافه الميامين ما يلي : (فالقطاع العام يحتاج، دون تأخير، إلى ثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد: ثورة في التبسيط، وثورة في النجاعة، وثورة في التخليق) انتهى النطق الملكي السامي.
وتفعيلاً لهذه التوجهات الملكية السامية بادر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى وضع مدونة للأخلاقيات القضائية حددت مجموعة من قواعد السلوك التي ينبغي على القضاة إما الالتزام بها أو تفاديها في حياتهم المهنية وسلوكهم الشخصي بما يحافظ على هيبة القضاء وحرمته ويسهم في إذكاء ثقة المواطن في العدالة. وتتقاطع هذه المدونة بخصوص ما تضمنته من مبادئ أخلاقية مع مدونة قواعد السلوك التي وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني بالنسبة لموظفي الأمن الوطني وأيضا مع ميثاق الأخلاقيات والسلوك الذي وضعته قيادة الدرك الملكي بالنسبة لمنتسبيها حيث تتقاسم هذه المدونات جلها قواعد للسلوك تنصب في مجملها على قيم أخلاقية ومهنية نبيلة من قبيل النزاهة والتجرد والشرف والحياد التي ينبغي التحلي بها خلال مباشرة المهام المذكورة كل من موقعه.
وإذا كانت مدونات وقواعد السلوك تشكل إطاراً مرجعياً لفرض الأخلاقيات المهنية، فإن دور أجهزة الرقابة الإدارية وهيئات التفتيش في هذا المجال يبقى أساسياً ومحورياً للإسهام في فرض احترام وتفعيل هذه القواعد والانضباط لمبادئها دون أن نغفل دور الرقمنة التي أصبحت تشكل في وقتنا الراهن إحدى الآليات المعززة للشفافية والنزاهة، وهو ما يقتضي منا التفكير الجماعي لإيجاد حلول مبتكرة بغية تعزيز الربط المعلوماتي بين مختلف أجهزة العدالة الجنائية والمعنيين بها، والعمل على التسريع من وتيرة رقمنة الخدمات.
ولا يخامرني أدنى شك أننا موقنون جميعا بكون التشبع بمبادئ النزاهة والشرف وبباقي القيم الأخلاقية يعتبر أحد المداخل الأساسية للرفع من منسوب ثقة المتقاضين وتحقيق رضاهم على العدالة، وضمانة من ضمانات تحقيق شروط المحاكمة العادلة، كما أن تعزيز القيم الأخلاقية في الممارسة المهنية يبقى من بين المتطلبات الأساسية لتنزيل خلاصات تقرير النموذج التنموي الجديد بهذا الخصوص، وذلك حتى تتبوأ عدالتنا المكانة التي تستحقها وتكون في مستوى ما يتطلع إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
ولابد من التأكيد في هذا الإطار على أن تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين المسؤولين عن النيابات العامة وعن مصالح الشرطة القضائية بشكل وثيق ومتواصل وصريح هو الكفيل الأساسي بتفعيل مبادئ هذه القيم والأخلاقيات المهنية سواء من خلال عقد لقاءات تواصلية أو دراسية محلية أو جهوية أو من خلال اعتماد مقاربة تشاركية لمواجهة بوادر كل انحراف أو إخلال قد تبدو معالمه أحياناً.
حضرات السيدات والسادة؛
في ختام هذه الكلمة أجدد شكري للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وللسيد المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، والسيد قائد الدرك الملكي على تفاعلهم مع مبادرة رئاسة النيابة العامة وانخراطهم الجاد والمسؤول في كل المبادرات التي تروم تعزيز التعاون والتنسيق للرفع من مستوى نجاعة العدالة، والشكر موصول كذلك لكافة المسؤولين القضائيين على النيابات العامة وقضاتها وقضاة التحقيق ومسؤولي الشرطة القضائية وضباطها بالإدارات المذكورة على تكبدهم مشاق السفر لحضور أشغال هذا اللقاء وما يتحلون به من مسؤولية وحس مهني عال سيسهم لا محالة في إنجاح الأهداف المتوخاة من هذه الدورة التكوينية بغية الرفع من مستوى الأبحاث الجنائية وتجويدها وتعزيز التواصل وتكريس الأخلاق المهنية وفق ما يقتضيه القانون والمرجعية الدستورية والمواثيق الدولية. آملا أن تمهد هذه الدورة التكوينية لعقد ندوات ودورات تكوينية أخرى بشكل منتظم بين النيابة العامة ومكونات الشرطة القضائية سواء على المستوى المحلي أو الجهوي وهو ما سيمكن من حضور أكبر عدد ممكن من ضباطها تعميماً للفائدة ومن أجل مواصلة النقاش أيضاً بشأن محاور هذا اللقاء وإغنائه بأفكارهم ومقترحاتهم وصياغة الحلول الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تعترض القيام بالمهام المشتركة.
والشكر موصول أيضاً لكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء العلمي المتميز وكذلك لكافة السادة المتدخلين الذين سيغنون بمداخلاتهم ونقاشاتهم أشغال هذه الدورة التكوينية، آملاً أن تشهد هذه الأخيرة نقاشاً هادفاً ورصيناً ينصب على رصد الإشكالات والصعوبات العملية المطروحة على الصعيد المحلي والتي تعترض قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وضباط الشرطة القضائية في تدبيرهم للأبحاث وباقي المهام المرتبطة بالعدالة الجنائية، واقتراح الحلول وإيجاد الصيغ الكفيلة بمعالجتها داعياً إلى صياغة ما ستتمخض عليه أشغال هذه الدورة وباقي الدورات من توصيات ومقترحات قادرة على الرفع من مستوى العدالة الجنائية ببلادنا حتى تكون في مستوى تطلعات صاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتأييد، وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وكافة أسرته الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
م. الحسن الداكي
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
رئيس النيابة العامة