إكسبريس تيفي/
نظم فرع النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والجريدة الالكترونية بريس تطوان، السبت، ندوة وطنية حول موضوع “تجربة التنظيم الذاتي للصحافة المغربية.. أية حصيلة وأية آفاق؟”، أطرها كل من محتات الرقاص، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، ومحمد الوافي، المنسق الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والإتصال، وكريم بوخصاص، الصحافي الباحث الأكاديمي في الصحافة والإعلام.
ويندرج تنظيم الندوة التي أشرفت على تسييرها عضو مكتب الفرع بالنقابة مريم كرودي، في سياق احتفاء جريدة بريس تطوان بمناسبة ذكرى الـ15 لتأسيسها، وضمن الأنشطة التي دأبت النقابة على تنظيمها، وتفاعلا مع النقاش الوطني حول تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والإشكالات التي تواجهها.
وفي هذا السياق، أبرز الأمين مشبال، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، في كلمة له بالمناسبة، أن اختيار موضوع الندوة يأتي ضمن الأنشطة التي تنظمها النقابة، على غرار الدورات التكوينية.
واعتبر مشبال أن موضوع الندوة ذو راهنية وأهمية باعتبار التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة بالمغرب يعد مكسبا، رغم الصعوبات التي تعرفها المهنة، مشيرا إلى أن الندوة تشكل محاولة للإجابة على مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالموضوع.
من جهته، أكد سهيل العماري، رئيس تحرير جريدة بريس تطوان، على أهمية الشراكة التي تجمع فريق عمل الجريدة مع الزملاء والزميلات في المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الاعلام “والتي أثمرت في وقت سابق تنظيم مجموعة من اللقاءات التكوينية المشتركة في مواضيع مرتبطة بالممارسة الصحفية، وها نحن اليوم ننظم بشراكة جادة وفاعلة ندوة وطنية يكتسي موضوعها أهمية بالغة ألا وهو التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة” .
وقال في كلمة له بالمناسبة “إننا في بريس تطوان نؤمن ايمانا راسخا أن تجويد العمل الاعلامي على المستوى المحلي وتطوير كفاءة الصحفيين في ممارستهم المهنية يتطلب من جهة تحصين الجانب المرتبط بأخلاقيات المهنة كما هي متعارف عليها دوليا، ومن جهة أخرى يقتضي التوفر على مؤسسات تنظيمية للمهنة بامكانها ضمان نجاعة الفعل الصحفي وتحصين استمرارية المقاولة الصحفية. وهي المقتضيات التي لن تتأتى الا باقرار مواثيق شرف مهنية للممارسة الصحفية”.
من ناحيته، اعتبر محتات الرقاص أن موضوع الندوة يذكر بمواقف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في ما يتعلق بالصحافة الجهوية، والتي تهتم بهذه الإشكاليات الوطنية، وتعبر عن انشغالها بقضايا المهنة في عمقها في مختلف جهات المملكة.
وأكد على أن “النقاش في هذا الموضوع لا يرتبط بالحديث عن الأشخاص مهما اختلفنا معهم إلا بقدر ما تفرض علينا مواقفهم المعبر عنها استحضارهم، بعيدا عن التنابز والشتم والسباب، لأن النقاش أكبر وأعمق من هذه الأمور”.
وقال إنه “بعيدا عن مسألة التنظيم الذاتي وأهميتها فالمهنة تعاني من اختلالات كبيرة، تعاني من عدة مشاكل وهناك قضايا كبرى تفرض على الصحافيين والصحافيات الانشغال بها، لكن مع الأسف تم جرنا إلى نقاش عقيم يرتبط بالأشخاص، وتركنا التصدي للتفاهة والعمل والانكباب على تطوير الجودة في المنتوج الصحفي”.
وشدد على أن “التنظيم الذاتي ليس مسألة قطاعية تهم الصحفيين فقط، بل هو له مدلول ديمقراطي يهم المجتمع، هذا النقاش ليس وليد اليوم وليس سنة 2018، بل بدأ سنوات قبل ذلك حيث جرت مجموعة من النقاشات وتجارب نقابية وحقوقية ومدنية، حول النزاهة والدفاع عن أخلاقيات المهنة، ومناظرة الصخيرات سنة 2005، والحوار الوطني حول الاعلام والمجتمع، وتشكلت لجنة علمية قادها الخبير القانوني المشيش العلمي، وتشكلت لجنة ترأسها الراحل العربي المساري، وهو ما أفضى إلى هذه التجربة التي لم يكن المغرب الوحيد الذي عمل عليها في العالم، وكان علينا اختيار تجربة تتلاءم مع الواقع المغربي، والوصول إلى إحداث المجلس الوطني للصحافة على قاعدة الانتخاب عن فئتي الناشرين والصحفيين”.
وسجل أن المرحلة الأولى للمجلس “بدأت سنة 2018، وكان يجب أن تنتهي سنة 2022، والتي كانت بشكل عام إيجابية على الأقل في السنوات الثلاث الأولى، لتبدأ الالتباسات في السنة الرابعة تحيط بالعملية لأن طرفا في المهنة لم يرد العودة إلى الزملاء وإجراء الانتخابات وهو كان منسجما مع هوى الوزارة، ليبدأ العمل باللجنة المؤقتة والتمديد مما جعل الحكومة في ورطة بعد انتهائه وما تلا ذلك من مقترح قانون يدعو إلى اعتماد التعيين بدل الانتخاب في تشكيل المجلس، قبل سحبه، وقرار الحكومة بتشكيل اللجنة المؤقتة”.
وأضاف “نحن في الفيدرالية رفضنا القرار إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل، واعتبرنا أن هذا التوجه لم يكن حلا لأنه يخالف مبدأ التنظيم الذاتي أو ما يعرف بقضاء الزملاء، ومع تشكيل اللجنة المؤقتة وجدنا أنفسنا أمام قضاء الوزراء لكون الحكومة هي من عينت اللجنة المؤقتة لسنتين وبجميع الصلاحيات”.
ورأى أن “الحل هو العودة إلى القاعدة الديمقراطية عبر الانتخاب ولا يمكن إحداث تجربة غير مسبوقة في المغرب ونمضي فيها 4 سنوات ونعاود انتزاع حق الصحافيين في تدبير شؤونهم”.
وشدد على ضرورة استعادة الجسم الصحفي الثقة في نفسه، والانكباب بشكل جماعي على معالجة اختلالات المهنة التي تعاني مشاكل وصعوبات كثيرة من حيث المداخيل والتكوين وغير ذلك.
في السياق ذاته قال محمد الوافي “نحن في الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال والفيدرالية المغربية لناشري الصحف نتقاسم عددا من المواقف، وأساسا حول قضية المجلس الوطني للصحافة والتنظيم الذاتي للقطاع بالمغرب”.
وذكر بأن “الاتحاد المغربي للشغل سار في اتجاه مطلب المهنيين بعد عدة محطات نضالية منذ سنة 1993، وصولا إلى تشكل المجلس سنة 2018، حيث كان للاتحاد المغربي للشغل ملاحظات نقدية لاسيما وأنها تعتبر نفسها النقابة الأكثر تمثيلية في القطاع على غرار النقابة الوطنية للصحافة المغربية مما يستوجبه الأمر من احتكام إلى مدونة الشغل التي تحدد الضوابط، والجامعة الوطنية للصحافة والاعلام والاتصال حصلت في انتخابات سنة 2015 على أغلبية المناديب في المنابر الإعلامية المختلفة”.
وأوضح أنه “تم اثر ذلك فتح الوزارة الوصية حوار مع الاتحاد المغربي للشغل وموقف الجامعة كان واضحا بعد لقاءات مختلفة ليتقرر عدم الطعن وعرقلة تشكيل المجلس الوطني للصحافة على أساس فتح النقاش مع الفرقاء لتعديل القوانين المرتبطة بالقطاع، ليتم الاتفاق مع النقابة المغربية على تعديل القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة”.
واعتبر الوافي أن”هناك نتائج إيجابية لعمل المجلس الوطني للصحافة ومنها ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة وإنجاز مجموعة من التقارير وغير ذلك من محطات تحسب للمجلس، في مقابل مجموعة من النقائص ومنها العراقيل التي يواجهها الصحفيون في الحصول على بطاقة الصحافة وصعوبات إطلاق المواقع الالكترونية والمس بالحق في ممارسة المهنة وغير ذلك”.
وانتقد المتحدث ذاته “عدم إصدار المجلس لتقارير سنوية باستثناء سنتي 2019 و2020، وغياب حصيلة شاملة لعمل المجلس تسمح بالوقوف على النقاط الإيجابية لتثمينها والسلبية للعمل على تجاوزها، وضعف التكوين والمصاحبة للمقاولات الصحفية رغم الميزانيات المرصودة، وضعف الاهتمام بالصحافة الجهوية”.
أمام محمد كريم بوخصاص فقد ذهب إلى أن موضوع التنظيم الذاتي للصحافة “ليس موضوعا للترف أو متجاوز، بل بالعكس هو موضوع يهم كل الجسم الصحفي، ومهم للغاية باعتباره أفضل طريقة لضمان حرية الصحافة وتعزيزها”.
وأبرز أن “المغرب يكاد يكون التجربة العربية الوحيدة التي خطت خطوات في اتجاه التنظيم الذاتي للصحافة، وهو ما يحسب للمنظمات التمثلية والنقابية التي ترافعت منذ عقود من أجل إقرار هذا التوجه، وصولا إلى سنة 2016 التي كانت مهمة جدا باعتبارنا وصلنا إلى إخراج قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة كتعبير عن التنظيم الذاتي للصحافة، وقبل ذلك ما قدمه دستور 2011 وما كان ينبغي تجاوزه في إحداث اللجنة المؤقتة لتدبير قطاع الصحافة وهو الفصل 28 من الدستور، الذي يمنع تدخل السلطة التنفيذية في تدبير شؤون الصحافة”.
وأضاف أن “المغرب بمجرد صدور هذا القانون في الجريدة الرسمية في أبريل 2016، دخل قائمة الدول التي لها تنظيم ذاتي للصحافة رغم التأخر والإكراهات التي واجهتنا”.
وأشار في هذا الصدد إلى تجربة السويد والمسار التشريعي بخصوص قوانين الصحافة، واستلهام المغرب لتجربة الدنمارك في ما يتعلق بمجلس الصحافة وإن كان عدد الأعضاء أقل مقارنة مع المغرب.
وتابع بالقول إن “الجسم الصحفي المغربي استبشر خيرا بتجربة المجلس التي ما إن أنهت مرحلتها الأولى دخلت إلى النفق المظلم وهذا إشكال حقيقي لأن التجربة التأسيسية الأولى كان ينبغي البناء عليها من أجل تفعيل كل ما جاء في قانون المجلس الوطني للصحافة”.
وزاد بالقول إنه “من معالم هذا النفق يكفي أن نذكر أننا أصبحنا أمام تعيين ثلاثة أعضاء من جانب رئيس الحكومة وهو ما يتعارض مع فلسفة التنظيم الذاتي للصحافة، الذي يرتكز على القرار التلقائي للصحفيين لتنظيم ذاتهم بذاتهم دون تأثير من أي من السلط الأخرى”.
وأشار إلى أنه “لتجاوز عناوين الفشل أن التنظيم الذاتي للصحافة يشترط توفر ثلاثة أشياء قوية ومتماسكة وهي أن يكون الصحفيون مستقلين، وأن تكون مقامات للدفاع عن الاستقلالية وحرية الصحافة وأن يتم تثمين دور الصحفي في المجتمع”.