باحدة عبد الرزاق
في إطار النقاش حول مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، قدمت المحامية كوثر جلال، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، مداخلة نقدية مفصلة في الندوة التي نظمها قطاع المحاميات والمحامين الاتحاديين بالدار البيضاء الأربعاء، حول مدى احترام مشروع قانون المسطرة المدنية للشرعية الدستورية. شهدت الندوة مشاركة كل من نقيب هيئة المحامين بالرباط، ورئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، بالإضافة إلى عبد الكبير طبيح عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء.
أشارت كوثر جلال إلى أن القانون الحالي يعود إلى سنة 1974، وقد خضع لعدة تعديلات منذ ذلك الحين. وأوضحت أن المشروع الجديد يهدف إلى تجميع مختلف القوانين الإجرائية، مما سيؤدي إلى إلغاء عدة قوانين منها قانون إحداث المحاكم التجارية والإدارية.
ركزت المحامية على أربعة محاور رئيسية، بدءاً بمؤسسة قاضي التنفيذ، وانتقدت عدم إضافة صلاحيات جديدة لقاضي التنفيذ، مقترحة منحه صلاحيات للتواصل مع الإدارات والبنوك للحصول على معلومات عن الذمة المالية للمنفذ عليه، كما دعت إلى توسيع صلاحيات المفوض القضائي تحت إشراف قاضي التنفيذ.
وفي المحور الثاني، انتقدت جلال بشدة المادة 502 التي تمنع حجز أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، معتبرة إياها غير دستورية، وطالبت بالتمييز بين المال العام المخصص للمرفق العمومي والمال العام المخصص للاستثمار، كما اعتبرت أن أجل 4 سنوات للتنفيذ على الإدارة مبالغ فيه، داعية إلى إعادة النظر فيه.
وفيما يخص الحجز التنفيذي، انتقدت المحامية قصر أجل تقديم دعوى الموضوع بعد الحجز التحفظي في 10 أيام، مقترحة تمديده إلى 30 يوماً، كما طالبت بالتنصيص على جزاءات للحجوز التعسفية.
في المحور الأخير، رحبت جلال بتكريس مسطرة قصر الحجز في القانون، لكنها اقترحت إضافة إمكانية استبدال الحجز بكفالة بنكية تحت الطلب.
وأشارت المحامية إلى وجود تناقض بين مشروع القانون والقانون 54.19 المتعلق بميثاق المرافق العمومية. فبينما ينص الأخير على ضرورة تنفيذ المرافق العمومية للأحكام القضائية دون تأخير، يأتي مشروع قانون المسطرة المدنية ليكرس منع الحجز على أموال الدولة.
وانتقدت جلال أيضاً المادة 495 التي تمنح اختصاص الطعن في أوامر قاضي التنفيذ داخل أجل عشرة أيام، معتبرة هذا الأجل قصيراً جداً.
وفيما يتعلق بالحجز التحفظي، اقترحت المحامية أن يتم تحرير محضر الحجز التنفيذي عند تبليغ ملف التنفيذ لضمان بقاء المنقولات والمعدات.
وختمت جلال مداخلتها بالتأكيد على أهمية تنفيذ الأحكام القضائية باعتباره حقاً دستورياً ومسؤولية الدولة، داعية إلى تضمين القانون الجديد آليات فعالة لضمان تنفيذ الأحكام وحماية حقوق المتقاضين.
تأتي هذه المداخلة في إطار الجدل الدائر حول مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، وسط مطالبات من مختلف الفاعلين القانونيين بضرورة مراجعة بعض مقتضياته، ويُنتظر أن تساهم هذه الانتقادات والمقترحات في إثراء النقاش العمومي حول هذا المشروع القانوني الهام، وفي تطوير المنظومة القضائية المغربية.