باحدة عبد الرزاق
مناسبة مرور ربع قرن على اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه الميامين، تمنحنا فرصة سانحة لتسليط الضوء على رؤية جلالته الاستباقية وحكمته الفذة. فعندما تولى الملك محمد السادس مهامه قبل خمسة وعشرين عاماً، كانت المملكة تمر بمرحلة حساسة تتطلب مقاربة استراتيجية عميقة وأجندة تنموية طموحة، وقد تجسدت هذه الرؤية في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أُطلقت في 18 مايو 2005.
تأسست المبادرة الوطنية للتنمية البشرية استجابةً للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تواجهها المملكة، وجاءت كعلاج ملكي دقيق يعبر عن التزام جاد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال المبادرة، ركز جلالته على تعزيز التماسك الاجتماعي، والحد من الفقر، وتعزيز إدماج الفئات الضعيفة اقتصاديًا، مؤكدًا على ضرورة التعاون والعمل الجاد من أجل تحقيق أهداف هذه المبادرة.
مرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بثلاث مراحل رئيسية، كل منها جاءت بناء على النجاح الذي تحقق في المرحلة السابقة وتلبية التحديات الجديدة، في المرحلة الأولى (2005-2010)، كان التركيز على معالجة الفقر والهشاشة من خلال أربعة برامج رئيسية، مما ساهم في تحسين ظروف حياة ملايين المواطنين، وتعزيز قدرتهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
أما المرحلة الثانية (2011-2015)، فقد تم تعزيز المبادرة بشكل كبير من خلال زيادة المخصصات المالية وتوسيع نطاق التنفيذ، مستهدفاً عددًا أكبر من القرى والأحياء الفقيرة، مما ساهم في تحسين الدخل وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
في المرحلة الثالثة (منذ 2019)، ركزت المبادرة على تعزيز المكتسبات السابقة ومعالجة الاختلالات في البنية التحتية والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى التصدي لجائحة كوفيد-19 من خلال تخصيص موارد لدعم الفئات الضعيفة ومساعدتها في مواجهة تأثيرات الجائحة.
ورغم التحديات التي واجهتها المبادرة، فإن إنجازاتها تظل شاهدة على الالتزام الملكي بتحقيق التنمية الشاملة، وتبرز كرمز لالتزام جلالة الملك محمد السادس نصره الله العميق بخلق تغيير إيجابي، وتؤكد أن النجاح ممكن عندما تكون هناك رؤية واضحة وجهود موجهة لخدمة مصلحة جميع المواطنين،