العدالة تتحدى الافتراء .. سقوط أكذوبة القاضية المتقاعدة

العدالة تتحدى الافتراء .. سقوط أكذوبة القاضية المتقاعدة

- ‎فيمجتمع, واجهة
0
img 1721847533466
إكسبريس تيفي

في خضم الاستهدافات التي باتت تشهدها المؤسسات المغربية، من جهات معلومة غايتها النيل من الدولة المغربية، خدمة لأجندات خارجية حاقدة، برزت مؤخراً قضية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والإعلامية، وهي قضية القاضية المتقاعدة التي حاولت هذه الجهات أن تصنع منها فيلم تراجيدي. هذه القضية، التي كان يُراد لها أن تكون قنبلة إعلامية تهز أركان الجهاز القضائي المغربي، سرعان ما تبين أنها لا تعدو كونها محاولة فاشلة لتشويه سمعة القضاء وزعزعة الثقة في مؤسساته.

بدأت القصة عندما نشر موقع “الحياة اليومية”، المعروف بكونه البوق الإعلامي للمحامي المثير للجدل محمد زيان، ادعاءات خطيرة على لسان قاضية متقاعدة. زعمت هذه القاضية أنها التقت بالرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، لطلب تدخله في ملف يتعلق بنزاع قضائي حول قطعة أرض في ملكية والدها. وادعت أن هذا المسؤول القضائي الكبير طلب منها الابتعاد عن الملف، بحجة أن هناك جهات نافذة تريد الاستيلاء على تلك الأرض.

هذه الادعاءات الخطيرة، التي مست بسمعة أحد أهم المسؤولين في الجهاز القضائي المغربي، لم تمر مرور الكرام. فسرعان ما تحركت الأجهزة المختصة للتحقيق في صحة هذه المزاعم. وهنا بدأت الحقائق تتكشف، وبدأ زيف ادعاءات القاضية المتقاعدة يظهر للعيان.

قامت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء تحقيقات دقيقة وشاملة، شملت انتدابات تقنية على هاتف القاضية المتقاعدة، وتحريات ميدانية مكثفة. وجاءت نتائج هذه التحقيقات صادمة ومخيبة لآمال من كانوا يراهنون على صحة هذه الادعاءات.

أظهرت التحقيقات التقنية أن القاضية المتقاعدة لم تغادر منزلها إطلاقاً في التواريخ التي ادعت فيها أنها التقت بالمسؤول القضائي الكبير. بل إن هذه التحقيقات كشفت أن السيدة كانت في منزلها تجري مكالمات هاتفية مع أقاربها في الأوقات التي زعمت أنها كانت فيها في لقاء مع المسؤول القضائي. هذه الحقائق الدامغة تنسف تماماً مزاعم القاضية وتكشف زيف ادعاءاتها.

لم تقف التناقضات عند هذا الحد، بل إن التحقيقات كشفت عن تضارب في روايات القاضية المتقاعدة نفسها. فتارة تدعي أنها التقت بالمسؤول القضائي في سيارة أجرة، وتارة أخرى تزعم أن اللقاء تم في منزله. هذه التناقضات الصارخة تؤكد عدم مصداقية ادعاءات القاضية وتثير الشكوك حول دوافعها الحقيقية من وراء هذه المزاعم.

ولم تكتف القاضية المتقاعدة بهذه الادعاءات، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بزعمها أنها تعرضت لمحاولة اعتداء من قبل مجهولين يحملون أقنعة. إلا أن التحقيقات لم تجد أي دليل يثبت صحة هذا الادعاء، بل إن الانتدابات التقنية نفت وجود أي تواصل هاتفي بين القاضية وشقيقها، الذي ادعت أنها اتصلت به بعد الحادث المزعوم.

هذه الحقائق والمعطيات تكشف بوضوح أننا أمام محاولة متعمدة لتضليل الرأي العام وتشويه سمعة الجهاز القضائي المغربي. ويبدو جلياً أن هناك جهات تسعى لاستغلال هذه الواقعة المفبركة لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية، غير آبهة بالأضرار الجسيمة التي قد تلحق بمصداقية القضاء ومؤسسات الدولة.

إن سرعة كشف زيف هذه الادعاءات وشفافية التحقيقات التي أجريت تؤكد على نزاهة وكفاءة الأجهزة الأمنية والقضائية في المغرب. كما تبرز أهمية التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها، وخطورة الانسياق وراء الشائعات والادعاءات غير المثبتة.

هذه القضية تسلط الضوء أيضاً على دور بعض المنابر الإعلامية في نشر مثل هذه الادعاءات دون التحقق من صحتها، وهو ما يثير تساؤلات حول المهنية والمصداقية في العمل الإعلامي. كما تكشف عن محاولات بعض الأطراف لاستغلال وسائل الإعلام كمنصة لتصفية حسابات شخصية أو سياسية، دون مراعاة للمصلحة العامة أو لأخلاقيات المهنة.

تؤكد هذه القضية على ضرورة الحفاظ على استقلالية ونزاهة القضاء، وعدم استغلاله في صراعات سياسية أو شخصية. كما تدعو إلى تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة لكل من يحاول المساس بسمعة المؤسسات القضائية أو تضليل الرأي العام. فالعدالة والشفافية هما الركيزتان الأساسيتان لبناء مجتمع سليم وديمقراطية حقيقية، وعلينا جميعاً العمل على حمايتهما وتعزيزهما في كل الأوقات والظروف.

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *