الرعد الغامض 24: تعاون أمريكي-مغربي لتطوير قدرات الحرب الإلكترونية

الرعد الغامض 24: تعاون أمريكي-مغربي لتطوير قدرات الحرب الإلكترونية

- ‎فيمجتمع, واجهة
0
ra3d
إكسبريس تيفي

باحدة عبد الرزاق 

في إطار التعاون العسكري المستمر بين الولايات المتحدة والمغرب، تشهد الصحراء المغربية حاليا تدريبات مشتركة تحت اسم “الرعد الغامض 24″، حيث تتعاون القوات الأمريكية والقوات المسلحة الملكية المغربية في اختبار وتطوير تقنيات وتكتيكات متقدمة في مجال الحرب الإلكترونية. هذه المناورات تمثل خطوة هامة في جهود تحديث القدرات العسكرية التي تم تفكيكها بعد انتهاء الحرب الباردة.

تقود هذه التدريبات كتيبة القوة متعددة المجالات الثانية التابعة للجيش الأمريكي، والتي تستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات المتطورة، بما في ذلك بالونات عالية التقنية وثلاثة أنواع مختلفة من الطائرات بدون طيار. الهدف الرئيسي من هذه التدريبات هو تطوير قدرات القوات على اكتشاف وتحديد مواقع رادارات العدو وأجهزة الإرسال اللاسلكية، ومن ثم تعطيلها إما بشكل مؤقت باستخدام أجهزة التشويش المحمولة على الطائرات بدون طيار، أو بشكل دائم عبر استخدام طائرات بدون طيار مسلحة أو عن طريق توجيه نيران المدفعية.

يصف المقدم آرون ريتسيما، قائد الوحدة الأمريكية، هذه المهام بأنها “الوظيفة الأساسية” لكتيبة التأثيرات متعددة المجالات، مؤكدًا أن دورهم يتمثل في تحديد وتثبيت أي هدف محتمل ثم تمرير المعلومات للوحدات الأخرى للتعامل معه. ويشير ريتسيما إلى أن هذه المهمة، رغم أنها تشبه في جوهرها عمل الكشافة وسلاح الفرسان الخفيف منذ العصور القديمة، إلا أنها تتم الآن باستخدام أدوات حديثة ومتطورة للغاية.

تعد هذه المناورات الثنائية ثاني تدريب ميداني لكتيبة القوة متعددة المجالات الثانية منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات، وقد تطورت بشكل كبير مقارنة بالتدريبات السابقة التي أجريت في أوروبا الوسطى. فبينما كانت المشاركة البولندية في التدريبات السابقة محدودة للغاية، يؤكد ريتسيما أن القوات المغربية في هذه المرة “مندمجة بالكامل” في جميع مراحل التدريب.

240808 DVIDS arcane thunder 2023 7999304 scaled e1723152865589 2048x1154 1

يشيد الرائد معاذ الزريك، ذو خبرة 20 عامًا في القوات المسلحة الملكية، بأهمية هذه التدريبات في تعزيز التعاون بين البلدين. وقد بدأت مشاركة القوات المغربية منذ مرحلة التخطيط الأولي ووضع مفاهيم العمليات، مرورًا بالتدريب النظري على تقنيات الحرب الإلكترونية والسيبرانية، وصولًا إلى العمل الميداني المشترك مع القوات الأمريكية في استخدام الطائرات بدون طيار ومعدات الحرب الإلكترونية المحمولة.

من الجدير بالذكر أن هذه التدريبات تتم باستخدام معلومات غير مصنفة، مما يتيح للبلدين تبادل البيانات بشكل شبه فوري على شبكة مشتركة. يستخدم الجانبان برنامج “وين تاك” المتاح للعامة، وهو نسخة مدنية من برنامج “أندرويد تاكتيكال أسولت كيت” العسكري الشهير. هذا التنسيق في الوقت الفعلي يعد جزءًا أساسيًا من استراتيجية البنتاغون لتوسيع نطاق تبادل المعلومات الفورية مع الحلفاء حول العالم.

تتميز هذه التدريبات بتطور ملحوظ في التكنولوجيا والتكتيكات المستخدمة مقارنة بالتدريبات السابقة. فبالإضافة إلى استخدام المناطيد المربوطة لعمليات المسح واسعة النطاق، تستخدم الكتيبة الأمريكية مجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار، بما في ذلك طائرة “كروس حمادي إيروسبيس ك-1000” الصغيرة التي تعمل بالطاقة الشمسية، وطائرة “شيلد أي آي في-بات” ذات القدرة على الإقلاع والهبوط العمودي. كما تم إدخال منتجات جديدة من مبادرة التأثيرات المطلقة للجيش الأمريكي، مثل أنظمة “سبيريت” و”ديسربتور”.

تتطلب هذه التدريبات قدرات عالية للطيران لفترات طويلة ومسافات بعيدة، حيث يتمركز مقر الكتيبة في أكادير، بينما تبعد فرق الإطلاق والاسترداد للطائرات بدون طيار أكثر من 30 ميلًا، والأهداف المحاكية أبعد من ذلك بكثير. تهدف عقيدة الكتيبة إلى اكتشاف الأهداف على بعد أكثر من 300 ميل (500 كيلومتر)، مع وجود منطادين على الأقل في الجو في أي وقت لتوفير “نظرة ثاقبة” قادرة على تحديد مصدر أي إشارة.

رغم هذه التطورات، لا يزال الجيش الأمريكي ينتظر بعض الأدوات الهامة مثل أجهزة التشويش طويلة المدى ذات القدرة العالية. فنظام “الحرب الإلكترونية متعددة الوظائف (MFEW) الجوية” للطائرات بدون طيار لن يدخل الخدمة حتى عام 2026، في حين أن نظام التشويش طويل المدى (TLS-EAB) لن يكون جاهزًا حتى منتصف العام نفسه.

يعترف الكولونيل ريتسيما بأن الجيش لا يمتلك حاليًا الكثير من البرامج المسجلة المتوافقة مع القدرات المطلوبة لمهمتهم. لذلك، تعتمد الكتيبة بشكل كبير على نماذج أولية وتجريبية مقدمة من شركاء في الصناعة، من خلال قيادة تطوير القدرات القتالية للجيش. يؤكد ريتسيما على أهمية هذه التجارب في تقييم المعدات وتقديم توصيات للجيش بشأن احتياجات التشغيل وبرامج السجلات المستقبلية.

وتعد هذه التدريبات المشتركة بين القوات الأمريكية والمغربية خطوة هامة في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين وتطوير قدراتهما في مجال الحرب الإلكترونية. كما أنها توفر فرصة قيمة لاختبار وتقييم التقنيات الجديدة في ظروف واقعية، مما يساهم في تحسين الاستعداد العسكري لكلا البلدين في مواجهة التحديات المستقبلية.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *