هل يدعم يونس مسكين طرح البنية السرية ؟

هل يدعم يونس مسكين طرح البنية السرية ؟

- ‎فيرأي, مجتمع, واجهة
0
يونس-مسكين
إكسبريس تيفي

في خضم النقاش الدائر حول العفو الملكي الأخير عن مجموعة من الزملاء الصحافيين وبعض النشطاء، برز مقال للزميل يونس مسكين يثير أكثر من علامة استفهام. فبدلا من تقديم تحليل متوازن يليق بخبرته وخلفيته القانونية، انزلق مسكين – عن قصد أو غير قصد – إلى تبني رواية تبسيطية تتجاهل حقائق جوهرية وتثير شبهة الانحياز لأطروحات مشبوهة.

لنضع النقاط على الحروف: المحاكمات التي سبقت العفو الملكي كانت علنية بالكامل، مفتوحة أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية. والضحايا ليسوا أشباحا، بل أشخاص حقيقيون ظهر بعضهم في وسائل الإعلام وشاركوا قصصهم المؤلمة مع العالم. فكيف يمكن لتحليل يدعي الموضوعية أن يتجاهل هذه الحقائق الدامغة؟

الأخطر من ذلك هو تجاهل المقال لطبيعة الجرائم التي تمت إدانة المعنيين بها. نحن نتحدث هنا عن جرائم جنسية خطيرة، عولجت أمام المحاكم واستوفت جميع مراحل التقاضي، وترافع فيها خيرة المحامين من جميع الأطراف. فهل من المقبول مهنيا وأخلاقيا محو هذه الحقائق بجرة قلم؟

إن تفسير العفو الملكي على أنه مجرد “تصحيح لسلسلة من الأخطاء” – كما جاء في مقال الزميل مسكين – يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات خطيرة: من المتهم بارتكاب هذه “الأخطاء” المزعومة؟ هل هي المؤسسات القضائية التي نظرت في القضايا بكل شفافية؟ أم الضحايا الذين تجرؤوا على المطالبة بحقوقهم؟

الأخطر من ذلك كله هو أن هذا الطرح يبدو وكأنه يتماهى – عن وعي أو غير وعي – مع أطروحة “البنية السرية” التي تروج لها بعض الأطراف منذ سنوات. هذه الأطروحة التي تحاول تصوير وجود صراع وهمي بين “المخزن” وجلالة الملك، هي في حقيقة الأمر محاولة يائسة لزرع الفتنة وزعزعة استقرار المؤسسات.

نحن، كصحفيين ومثقفين، لدينا مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع والحقيقة. لا يمكننا الانسياق وراء روايات مبسطة أو أطروحات مشبوهة، مهما كانت دوافعنا نبيلة في الظاهر. الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الزملاء أمر مشروع، لكنه لا يجب أن يكون على حساب الحقيقة أو على حساب ضحايا الجرائم.

العفو الملكي، بكل تأكيد، هو قرار سيادي له أبعاده السياسية والإنسانية. لكنه لا يمحو الوقائع ولا يلغي الإجراءات القانونية التي سبقته. كما أنه لا يمكن أن يكون ذريعة لتجاهل حقوق الضحايا أو التقليل من خطورة الجرائم المرتكبة، خاصة عندما نتحدث عن جرائم جنسية.

علينا أن نتساءل: هل نحن، بتبنينا لمثل هذه الطروحات المبسطة، نساهم في تعزيز العدالة وحرية التعبير؟ أم أننا – عن غير قصد ربما – نساهم في ترسيخ روايات مضللة تخدم أجندات مشبوهة؟

الوقت قد حان لنرتقي بخطابنا وتحليلاتنا إلى مستوى المسؤولية التي نحملها. فقط بهذه الطريقة يمكننا أن نساهم في بناء مجتمع أكثر عدلا وإنصافا للجميع، بعيدا عن الفتن والتضليل.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *