نجيبة جلال
بعد الحوار الذي أجراه الصحافي سليمان الريسوني مع صحيفة EL independiente والتي تجاوز من خلالها كل الخطوط الحمراء، ووجه خلالها سيل من الاتهامات والإساءات للصحافة الوطنية والنقابات المهنية للصحافة في المغرب، بالاضافة الى التطاول على المؤسسات الوطنية خصوصا المؤسسة الملكية، والقضاء المغربي، ومحاولته الدنيئة لنسف كل الجهود التي بدلتها الدولة المغربية في حقوق الانسان منذ اعتلاء صاحب الجلالة عرش أسلافه الميامين، بالاضافة الى سوء النية الواضح من قبل الصحفي فرانسيسكو كاريون، الذي ضرب عرض الحائط كل مبادئ المهنية التي تقتضي الحيادية في مثل هذه المواضيع.
بعد هذه الخرجة البئيسة لسليمان الريسوني، نجد أنفسنا مضطرين للرد من أجل تصحيح هذه المغالطات وتقديم صورة حقيقية عن الوضع في المغرب ومؤسساته،أولا دفاعا عن مسار التنمية والديمقراطية التي تعرفها بلادنا باعتراف المنظمات والهيآا الأممية في الكثر من المناسبات، وثانيا دفاعا عن صحافتنا الوطنية وهو ما نتمنى من النقابات المهنية أن ترد عليه لأنها هي المستهدف الأول بالإساءة وأيضا الجسم الصحافي ككل.
بداية، من المهم الإشارة إلى أن طريقة صياغة الأسئلة من قبل الصحفي فرانسيسكو كاريون تكشف عن نية مبيتة لاستهداف المغرب ومؤسساته. فقد تجاهل الصحفي عمدا الحقائق القانونية والقضائية المتعلقة بقضية الريسوني، واختار بدلا من ذلك تقديم رواية أحادية الجانب تخدم أجندة معينة.
أولا، فيما يتعلق بمحاكمة الريسوني، من الضروري التأكيد على أن الإجراءات القضائية اتبعت جميع المعايير القانونية المعمول بها في المغرب. لقد حرصت المؤسسة القضائية على ضمان محاكمة عادلة وشفافة، حيث فتحت أبوابها للإعلام والمراقبين الدوليين. هذا النهج يعكس التزام المغرب بسيادة القانون والشفافية القضائية. إن وصف كاريون للمحاكمة بأنها “افتقرت إلى الضمانات القضائية” هو ادعاء باطل ويتجاهل الحقائق الموثقة والغرض منه هو ضرب المؤسسة القضائية المغربية.
ثانيا، من المستهجن أن يصف كاريون التهم الموجهة إلى الريسوني بأنها “اعتداء مزعوم”. هذا الوصف ينم عن استخفاف خطير بحقوق الضحية ويعكس ازدواجية معايير واضحة. فلو كان الضحية إسبانيا، هل كان كاريون سيستخدم نفس اللغة المشككة؟ هذا الموقف يكشف عن تحيز واضح وعدم احترام لمبادئ العدالة الأساسية.
ثالثا، ادعاءات الريسوني حول وجود “صحافة موالية لوزارة الداخلية” تشن حملات تشهير ضده هي محاولة يائسة لتشويه سمعة الإعلام الوطني المغربي. إن هذه الادعاءات تفتقر إلى الأدلة وتهدف إلى صرف الانتباه عن القضايا الحقيقية. الصحافة المغربية، في واقع الأمر، تتمتع بهامش كبير من الحرية وتعمل وفق معايير مهنية عالية، ولا نقبل الإساءة للزميل خباشي مدير نشر جريدة برلمان.كوم فهو صحافي وطني مشهود له بكفائته العالية ومهنيته واستقلاليته.
رابعا، إن وصف الريسوني للعفو الملكي بأنه نتيجة لضغوط خارجية هو إهانة للسيادة المغربية وتجاهل متعمد لحكمة وحنكة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، فالعفو الملكي هو مبادرة سامية تعكس حرص المملكة على المصالحة الوطنية والتقدم وفق برامج الغاية منها هي محاربة الجريمة وإعادة الادماج، وليس استجابة لأي ضغوط خارجية كما يدعي الريسوني، والدليل هو استفادة الفلاحين الصغار الذين توبعوا في الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي.
خامسا، من المثير للاستغراب والاستهجان وصف الريسوني للملك الراحل الحسن الثاني بـ”الديكتاتور”. هذا الوصف لا يعكس فقط جهلا بالتاريخ المغربي، بل يمثل إساءة بالغة لذاكرة ملك ساهم بشكل كبير في بناء المغرب الحديث. إن هذا التصريح يكشف عن نوايا الريسوني الحقيقية في تشويه صورة المؤسسة الملكية والنيل من رموز الدولة.
سادسا، دعوة الريسوني للإفراج عن معتقلي أحداث اكديم إزيك هي تجاهل صارخ لخطورة الجرائم المرتكبة. هذه الأحداث المأساوية أودت بحياة 11 من أفراد القوات العمومية والدرك الملكي والوقاية المدنية. إن محاكمة المتورطين في هذه الأحداث تمت وفق الإجراءات القانونية وبحضور مراقبين دوليين، مما يؤكد نزاهة العملية القضائية، ويبين اصطفاف الريسوني ضد الوطن في قضية مصيرية.
سابعا، إن اتهامات الريسوني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بـ”الدفاع عن جرائم النظام” هي محاولة مكشوفة لتقويض مصداقية هذه المؤسسة المهنية. النقابة، في الواقع، تعمل بجد لحماية حقوق الصحفيين وتعزيز حرية الصحافة في إطار القانون والأخلاق المهنية.
ثامنا، من الواضح أن الريسوني يسعى جاهدا لتصوير نفسه كـ”معتقل سياسي”، متجاهلا حقيقة أنه حوكم بتهم جنائية محددة. هذه المحاولة لتسييس قضيته هي تحريف للحقائق وتضليل للرأي العام.
تاسعا، إن تصريح الريسوني بأن العفو الملكي “كان سيكون أكثر أهمية لو كان في بداية محاكمته” يعكس قلة احترام وعدم تقدير لقيمة العفو الملكي. هذا التصريح يكشف عن نكران الجميل وعدم الاعتراف بالفرصة الثانية التي منحت له من طرف جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتعكس قلة حياء لن تصدر الا من شخص سولت له نفسه في يوم من الايام اغتصاب شاب في فضيحة أخلاقية اهتز لها الاعلام المغربي.
عاشرا، من المهم الإشارة إلى أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، قد حقق تقدما ملحوظا في مجالات حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي. هذه الإنجازات معترف بها دوليا وتعكس التزام المملكة بالتحديث والتقدم، ولا يمكن للصحفي المسخر لتبخيس هذه الجهود والضرب في العمق الاصلاحات الكبرى في مجال حقوق الانسان، أن يزعزع ثقة المنتظم الدولي في مؤسسات المغرب، ولا يمكن لشطحات الريسوني عبر الصحف الدولية أن تمحي شناعة جريمته، فالعفو الملكي لا يسقط الإدانة.
إن هذه المقابلة، بشكلها ومضمونها، تمثل محاولة مكشوفة لتشويه صورة المغرب ومؤسساته. إنها تعكس أجندة واضحة تهدف إلى النيل من سمعة المملكة وإنجازاتها. ومع ذلك، فإن الحقائق على الأرض، والتقدم الملموس الذي يشهده المغرب في مختلف المجالات، يبقى أقوى من أي محاولات للتشويه أو التضليل.
إن قوة المغرب تكمن في قدرته على مواجهة التحديات بشفافية وحكمة، مع الحفاظ على التزامه بالإصلاح المستمر والتقدم الوطني. وهذا ما يجعل المملكة نموذجا للاستقرار والتنمية في المنطقة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نثره الله، رغم محاولات البعض النيل من هذه المكانة.