متابعة
افتتحت الدورة التكوينية الثانية التي نظمتها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة بين 27 إلى 29 نونبر 2024، تحت عنوان “استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول اسطنبول في صيغته المراجعة”. وقد ألقى الكلمة الافتتاحية بالنيابة عن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، السيد هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة.
وتعتبر هذه الدورة جزء من برنامج مستمر يهدف إلى تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، وهو البرنامج الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة بالتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ديسمبر 2020. ويهدف البرنامج إلى تدريب القضاة على التعامل مع قضايا التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وفقا للمعايير الدولية.
وفي هذه الدورة التكوينية الثانية، يشارك نحو 80 قاضيا وقاضية من مختلف محاكم الدوائر الاستئنافية في المغرب، بالإضافة إلى ممثلين عن الضابطة القضائية وأطباء شرعيين.
الدورة تهدف إلى تمكين هؤلاء القضاة من استخدام أدوات الطب الشرعي في التحقيق في ادعاءات التعذيب، وهو جزء من استراتيجية شاملة لدعم النظام القضائي في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد السيد هشام بلاوي في كلمته أن هذه الدورة تأتي في إطار التزام المغرب المستمر بالانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وترجمة إرادة المملكة الراسخة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وأشار إلى رسالة جلالة الملك محمد السادس التي أرسلت للمشاركين في المناظرة الدولية لحقوق الإنسان التي نظمت في الرباط في ديسمبر 2023، حيث شدد جلالته على أهمية الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز دولة الحق والقانون.
كما تم التذكير بالمقتضيات الدستورية المغربية، خاصة تلك المتعلقة بحماية الحقوق الفردية وحرمة الجسم البشري، بما في ذلك منع التعذيب والمعاملة القاسية، التي يعززها الدستور المغربي وقانون المسطرة الجنائية.
تسعى الدورة إلى تدريب القضاة على استخدام “برتوكول استنبول” المعد من قبل الأمم المتحدة، والذي تم اعتماده لأول مرة في 1999 وتم مراجعته في 2022. هذا البرتوكول يعتبر أداة حاسمة في التحقيقات المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة. يتضمن البرتوكول مبادئ توجيهية ومعايير دولية لتوثيق حالات التعذيب والتحقيق فيها بشكل فعال، مما يساعد على تعزيز العدالة وحماية حقوق الضحايا.
وتؤكد الدورة التكوينية على أهمية تعلم كيفية استخدام البرتوكول بشكل مهني، حيث أن التوثيق الجيد لحالات التعذيب وسوء المعاملة يمكن أن يشكل دليلا قويا في المحاكم، ويسهم في تقديم العدالة للضحايا.
كما توجه السيد هشام بلاوي بالشكر للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على دعمه المتواصل لهذا البرنامج، وللمركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن على مساعدتهم في تنظيم هذه الدورات التكوينية. وأشاد أيضا بالمشاركة القيمة للخبراء الدوليين الذين قدموا معرفتهم وتجاربهم في هذا المجال الهام.
في ختام كلمته، أكد السيد بلاوي على أن هذه الدورات التكوينية تساهم في رفع مستوى وعي القضاة والمختصين في مجال الطب الشرعي، مما يساعد في تعزيز التحقيقات القضائية في قضايا التعذيب. كما أشار إلى أن هذا البرنامج هو جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة لتعزيز العدالة وحماية حقوق الإنسان تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
تعد هذه الدورة التكوينية خطوة مهمة نحو تعزيز العدالة الجنائية في المغرب وتطوير قدرة القضاة على التعامل مع قضايا حقوق الإنسان وفقا لأعلى المعايير الدولية.