نجيبة جلال /
في ظل الحديث المتزايد عن حميد المهداوي، اليوتوبر والإعلامي الذي لا يتوقف عن نشر مقاطع تروج للتشهير ضد الصحافيين والصحافيات، يظل السؤال الأكبر حول موقف إدريس الراضي، أحد الأسماء السياسية البارزة في المغرب. هل سيعلن عن قطع علاقته مع المهداوي؟ وهل هذا الموقف سيكون جزءًا من استراتيجيته للعودة إلى الساحة السياسية؟
الراضي، الذي يطمح إلى العودة إلى الساحة السياسية، يواجه تحديًا حقيقيًا في اتخاذ قرار حاسم بشأن علاقته بالمهداوي. فبينما يسعى العديد من السياسيين والإعلاميين إلى الابتعاد عن أي شخصيات تشهر بالآخرين أو تروج للفتنة، فإن المهداوي يظل مرتبطًا بممارسات إعلامية تتسم بالتشهير والاتهامات المجانية، التي تضر بالمصداقية وتعيق مسار الصحافة الجادة.
وفي مسقط رأس إدريس الراضي، تتردد روايات كثيرة حول علاقته بالصحفي “الهرداوي”، حيث تحدث بعض العارفين بخبايا السياسة في سيدي سليمان عن سخاء الراضي مع “آل الهرداوي”، إضافة إلى الزيارات المتكررة التي كانت تقوم بها زوجة “الصخافي” إلى فيلا الراضي. هذه المعطيات زادت من الشكوك حول طبيعة العلاقة التي تجمع الراضي بالمهداوي، خاصة بعد تضخم ثروة الأخير بشكل ملفت.
الكثيرون ربطوا بين الثروة التي أصبح يملكها المهداوي، والتي تشمل ضيعة فلاحية في منطقة الخميسات، وشقة فاخرة في الرباط، وسيارات فارهة، وبين دعمه المحتمل من طرف إدريس الراضي. هذه التساؤلات تعزز فرضية وجود مصالح مشتركة بين الطرفين، وهو ما يجعل موقف الراضي أكثر تعقيدًا في حال قرر النأي بنفسه عن المهداوي.
إدريس الراضي يدرك تمامًا أن العودة إلى الساحة السياسية تتطلب موقفًا صريحًا وواضحًا، بعيدًا عن أي ارتباطات قد تؤثر على مصداقيته. وإذا كانت علاقته بالمهداوي قد تكون ذات طابع شخصي أو مهني في مرحلة ما، فإن المرحلة المقبلة تقتضي بلا شك قطع هذه العلاقة، إن كان يهدف فعلاً إلى العودة بقوة واحترام من جميع الفاعلين السياسيين والإعلاميين.
العودة السياسية التي يسعى الراضي لتحقيقها لن تكون ممكنة إذا استمر في دعم أو السكوت على التصرفات التي يمارسها المهداوي. فالشعب المغربي يولي أهمية كبيرة لقيم الصحافة النزيهة والشفافة، ولا يمكن لأحد أن يحقق نجاحًا في الساحة السياسية إذا كان يرتبط بأي ممارسات تشوه صورة الصحافة أو تهدف إلى تدمير مصداقيتها.
بينما كان معارضو النظام في الماضي يتخذون من العمل السياسي والتضحية ساحة لنضالهم في قلب الوطن، أصبح اليوم العديد منهم يلجأ إلى منصات التواصل الاجتماعي كأداة للتشهير والتسلية على حساب الحقائق. المهداوي، الذي يعتمد على مقالات تشهيرية موجهة ضد الصحافيين والصحافيات، قد يظن أنه يُسهم في “النضال”، لكن الحقيقة هي أنه يعزز فقط الفوضى ويساهم في تشويه صورة الصحافة المغربية.
ورغم أن المهداوي قد يروج لنفسه كمناضل من أجل الحق، فإن ممارساته تشهد على العكس. إنه يختبئ وراء منصات الإعلام الرقمي، ويستعين بأبواق لا تملك سوى التشهير لترويج مواقفه، متجاهلاً تمامًا قيم الصحافة الحقيقية التي تتطلب النزاهة، الشفافية، والعمل الجاد. في الواقع، لا يمكن للمعارض الحقيقي أن يخفي نفسه خلف كمامات إلكترونية أو يعول على التشهير لتحقيق مكاسب شخصية.
إذن، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيحسم إدريس الراضي موقفه ويقطع علاقته بحميد المهداوي؟ القرار هنا ليس مجرد مسألة شخصية، بل هو أيضًا ضرورة استراتيجية تتعلق بمستقبله السياسي