أحمد اوسار/
في بداية التسعينيات، كانت الدار البيضاء تعيش على وقع جرائم مرعبة، والفاعل كان رجلاً يتحرك في الظلام مثل شبح، يقتل بدم بارد ويختفي بلا أثر. اسمه عبد الله قاسمي، لكن الجميع عرفه بلقب “نينجا الدار البيضاء”، ذلك السفاح الذي زرع الرعب في أحياء المدينة.
بدأت قصته في الجيش المغربي، حيث خدم لفترة قصيرة قبل أن يُطرد بسبب حادثة إطلاق نار على زميل له. بعد طرده، انحرف نحو عالم الجريمة، بدأ بلصوصية السيارات، لكنه سرعان ما تحول إلى مجرم خطير. كان يستهدف الحراس الليليين الذين يحرسون الورشات والمباني، يقتحم مواقعهم، يهاجمهم بوحشية باستخدام سلاح أبيض، ثم يسرق أغراضهم وأموالهم ويختفي دون أن يترك أي أثر.
لم يكن يكتفي بالسرقة، بل قتل سبعة حراس ليليين بطريقة وحشية، كان يذبحهم أو يطعنهم حتى الموت، ويمضي في طريقه كأن شيئًا لم يكن.
في مايو 1991، ارتكب أولى جرائمه البشعة، حيث هاجم حارس سيارات وضربه بحجر على رأسه، ثم استخدم عصاه للاعتداء على شخص آخر، مما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة آخرين بجروح خطيرة. استمر في استهداف الحراس الليليين، حيث قتل اثنين آخرين وأصاب ثلاثة بجروح خطيرة في العام التالي.
في 14 نوفمبر 1992، هاجم “النينجا” شرطياً داخل مخفر للشرطة بحي القدس في الدار البيضاء، واستولى على مسدسه، ثم أفرغ المسدس من العشر رصاصات التي كانت بداخله، وخبأ كل شيء في بيته الصفيحي. كما نفذ اعتداءً آخر على شرطي بالطريق السيار، حيث أطلق عليه رصاصتين أردتاه قتيلاً، لكنه فوجئ بعدم توفر الشرطي على المسدس.
في عام 1995، قتل حارساً ليلياً آخر وتعرض خمسة حراس آخرين للطعن والضرب، مما أثار شكوك الشرطة
الشرطة كانت عاجزة عن تحديد هويته، فقد كان يستخدم تقنيات التخفي التي تعلمها في الجيش، وكان سريع الحركة، يغير أماكن هجماته باستمرار، ما جعل القبض عليه شبه مستحيل.
لكن في عام 1995، وبعد تحقيقات مكثفة، وقع أخيرًا في قبضة الأمن. تم توقيفه بالصدفة عندما كان يحاول سرقة سيارة في أحد أحياء الدار البيضاء، وعند تفتيشه، عثرت الشرطة على سكين كبير يحمل آثار دماء. بعد التحقيقات، تم ربطه بجرائم القتل التي أرعبت المدينة، واعترف بجرائمه دون أي ندم.
في المحكمة، لم يحاول تبرير أفعاله، بل بدا غير مبالٍ بمصير ضحاياه. صدر بحقه حكم الإعدام، لينتهي بذلك فصل مظلم من تاريخ الجريمة في المغرب. لكن رغم إعدامه، بقي اسمه محفورًا في ذاكرة الدار البيضاء، رمزًا لسنوات من الرعب والجريمة.