منذ سنوات، لم يترك المدعو حميد المهداوي فرصة إلا وأقسم فيها بأغلظ الأيمان أنه مدافع شرس عن الملكية، حارس وفي للعرش، وصوت الحق الذي لا يخشى في الولاء لثوابت البلاد لومة لائم. كلما أتيحت له الفرصة، خرج أمام الكاميرا، ضرب على صدره، “خوتي المغاربة” وأمطرنا بخطبه العاطفية عن إخلاصه للملك، عن ضرورة حماية المؤسسة الملكية، وعن كونه “صحفيا وطنيا” لا يمكن أن يتورط في مشاريع تستهدف استقرار المغرب، رغم أنه حوكم واعتقل بتهديد الأمن العام.
لكن فجأة، حين خرج صديقه سليمان الريسوني من السجن، وكشف عن معدنه الحقيقي بتهكمه على أمير المؤمنين بخصوص ما يجري في غزة، صعقنا جميعا بصمت المهداوي المدوي…أين تلك الغيرة على الملكية؟ أين الدفاع المستميت عن الثوابت؟ أين “الصحافي الوطني” الذي كان يتوعد من يمسون بهيبة المؤسسة الملكية؟ فجأة، انقلب الرجل إلى نعامة، دفن رأسه في التراب، وكأن الأمر لا يعنيه، وكأن لسانه قد أصيب بعطل فجائي.
أليس هذا هو المهداوي نفسه الذي يتهم كل من يشكك في ولائه بأنه “عدو الوطن”؟ أليس هو الذي كان يهاجم أي صوت ينتقد تقلباته، متهما إياه بالتآمر ضده؟ فما الذي تغير اليوم؟ لماذا ابتلع لسانه أمام تهكم صديقه الريسوني؟ أليس الملك هو الملك، أم أن الدفاع عنه موسمي، يرتبط بالمصالح والعلاقات الشخصية؟
الحقيقة أن المهداوي ليس سوى نموذج صارخ للنفاق الإعلامي، يرفع شعارات الوطنية حين يخدمه الأمر، ويلزم الصمت حين يصبح الكلام مكلفا لعلاقة مشبوهة مع الخونة والمرتزقة من اصدقائه الاوفياء. إنه من أولئك الذين يتحدثون عن “المبادئ” بأفواههم، بينما قلوبهم مليئة بالحسابات الضيقة والمصالح الشخصية. اليوم، سقط القناع، وبات واضحا أن “الدفاع عن الملكية” عند المهداوي لم يكن يوما مسألة مبدأ، بل مجرد ورقة يلعبها متى شاء، ويخفيها متى دعت الضرورة.