إعلام التضليل – حين تصبح الحقيقة ضحية الهوس بالإثارة

إعلام التضليل – حين تصبح الحقيقة ضحية الهوس بالإثارة

- ‎فيمجتمع, واجهة
Capture decran 2025 04 02 221102
إكسبريس تيفي

 

نجيبة جلال /

 

مرة أخرى، يتوه الرأي العام وسط غبار التضليل الإعلامي، بعدما تحولت بعض المنابر الصحفية إلى أدوات لصناعة الزيف بدل كشف الحقائق. آخر فصول هذا العبث كانت المسرحية التي قام بإخراجها نزار بركة بتقديم أرقام مغلوطة حول دعم استيراد الأغنام، قبل أن تضطر وزارة الفلاحة للتدخل، في درس جديد عن الفرق بين الكلام المسؤول وبين الارتجال الشعبوي.

الوزارة قدمت أرقامًا دقيقة: 437 مليون درهم كلفة العملية بين 2023 و2024، 500 درهم دعم لكل رأس مستورد، وتعليق الرسوم الجمركية الذي لم يكن له أي تأثير على خزينة الدولة. معطيات واضحة، لكن المشكل ليس هنا، بل في منظومة إعلامية هجينة تعيد إنتاج المغالطات دون تدقيق، كأنها ماكينة لصناعة الضجيج لا الحقيقة .

ما حدث يفضح واقعًا بئيسًا: إعلام لا يبحث، لا يتحقق، لا يسائل، بل يستهلك الأخبار كما تصل إليه، ثم ينفخ فيها ليخلق الإثارة الرخيصة. بدل أن يكون الصحفي عين المواطن، صار بعضهم مجرد أبواق للخلط والتشويش، يمارسون نوعًا من “المهنية الكسولة” التي تستسهل الترويج بدل التقصي.

متى أصبح التحقق من المعلومات ترفًا في الصحافة؟ متى صار واجب الإعلامي أن يركض خلف العناوين الصاخبة بدل أن يحفر في عمق المعلومة؟ هذه ليست مجرد زلة، بل نموذج لطريقة اشتغال لا تحترم عقل القارئ، ولا تؤدي سوى إلى مزيد من التيه الجماعي في متاهة الأخبار الزائفة.

يبقى السؤال: هل هناك من لديه الجرأة ليحاسب هذا الإعلام على تضليله، أم أننا تعودنا أن يكون الكذب مجرد تفصيل في المشهد؟

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *