اوسار أحمد/
ما يحدث اليوم في الساحة الإعلامية المغربية لم يعد مجرد تجاوزات معزولة، بل انحراف منهجي عن جوهر المهنة. فئة من المتسلقين والمنتفعين قررت أن تختطف الصحافة وتحوّلها إلى أداة للابتزاز، التشهير، وبث الفوضى. لا مشروع وطني، لا ضمير مهني، فقط عدّادات المشاهدات، تحويلات خارجية، وأجندات مشبوهة.
هؤلاء لا يشتغلون في الخفاء، بل أمام الجميع، ليل نهار، على منصات رقمية وصفحات إلكترونية، يهاجمون الدولة، يشككون في المؤسسات، يطعنون في رموز الوطن، ويوظفون خطاب الضحية لتبرير خيانتهم. يتحدثون عن حرية التعبير وهم لا يؤمنون بها. يرفعون شعارات حقوق الإنسان وهم أول من يدهس كرامة الآخرين مقابل المال.
كل معركة يخوضونها ضد الدولة تمنح خصوم المغرب خدمة مجانية. كل إشاعة ينشرونها تُستعمل لاحقًا في تقارير خارجية مسيئة. كل بث مباشر مفبرك يتحول إلى مادة دسمة في حرب ناعمة تستهدف استقرار البلد. هم لا ينتقدون، بل يدمرون. لا يفضحون الفساد، بل يغذونه عبر تحويل الإعلام إلى مزاد علني يباع فيه كل شيء، حتى شرف المهنة.
في دول أخرى، هذا النوع من “النشاط الإعلامي” يُصنف ضمن أعمال التخريب المعنوي، ويُعامل كخطر استراتيجي. لأنه لا يضرب فقط صورة الدولة، بل يهز ثقة الناس في القانون، في المؤسسات، في العدالة. وعندما تنهار هذه الثقة، يصبح كل شيء مباحًا: التمرد، العنف، التطرف، والانهيار الاجتماعي.
المعضلة ليست فقط في الأفراد، بل في الفراغ التنظيمي، وفي غياب موقف حازم من داخل المهنة نفسها. كيف يمكن لبلد بحجم المغرب أن يسمح بتحويل مهنة الصحافة إلى أداة لضرب أمنه القومي.
لا يكفي التنديد، ولا يكفي الغضب. المطلوب تدخل فعلي، مسؤول، ومُنظم. التنظيمات المهنية الوطنية مطالبة اليوم قبل الغد بأن تخرج من صمتها . أن تُشخص الوضع بدقة. أن تضع حلولًا عملية تنهي الفوضى. أن تُميز بين من يمارس الصحافة ومن يمارس التخريب باسمها.
الاستمرار في تجاهل ما يحدث لم يعد خيارًا. نحن أمام تهديد صريح للسلم الاجتماعي والأمن القومي. الصمت تواطؤ، والتهاون خيانة. المغرب يحتاج إلى إعلام حر، لا إعلام منفلت. إلى صحفيين حقيقيين، لا مرتزقة يحملون ميكروفونات.