القناص/
يبدو أن هشام جيراندو، الذي اختار لنفسه شواطئ إندونيسيا كمنفى اختياري، لا يزال عالقًا في وهم قديم يعتقد فيه أن الابتزاز والتهديد يمكن أن يُخضع القضاء المغربي، ويمنح أسرته امتيازات فوق القانون، متناسياً أن زمن المساومات الرخيصة قد ولّى، وأن المغاربة، بمن فيهم القضاء، لا يُرهبهم من يلوّح بجواز أجنبي أو يختبئ خلف شاشة.
هذا الشخص الذي بنى “شهرته” على التشهير بالناس والتشكيك في المؤسسات، لم يتردد في جرّ أسرته نفسها إلى وحل الاتهامات والافتراءات، ثم عاد في كل مرة بموجة تناقضات مثيرة للشفقة: من قذف صريح للملكية، إلى ادعاء الوطنية والولاء، ثم تباهٍ بجواز السفر الكندي، ليعود بعد أيام فيتحدث عن مغربيته وبطاقة تعريفه الوطنية وكأنها صك غفران.
لكن سقوطه الجديد، هذه المرة، ليس مجرد زلة أخلاقية أو “سطحية تفاهة” عابرة، بل انزلاق خطير نحو معاداة السامية بشكل صريح، حين نشر عبر خاصية “السطوري” على إنستغرام صورة لأدولف هتلر مع تعليق استفزازي يقول فيه: “واش هاذ خونا غير جا و دارهم في الفران؟” — وهي إشارة خبيثة، خرقاء، توحي بتبرير محرقة الهولوكوست، وتشكل محتوى يُجرّمه القانون في معظم الدول الغربية التي تحتضنه اليوم.
فما لا يعرفه جيراندو – أو ربما يعرفه ويتجاهله بغباء منقطع النظير – أن معاداة السامية ليست مزحة ولا رأيًا شخصيًا في كندا والدول الأوروبية، بل جريمة يعاقب عليها القانون، وتدفع الدول الغربية أجهزة الأمن والقضاء للتحرك فوراً ضدها دون تهاون، خاصة إن أتت من أشخاص يملكون وضعية قانونية هشة. فهل يدرك هشام أن تصريحه قد يعيده من شواطئ إندونيسيا إلى دهاليز المحاكم الغربية، أو حتى أن يفقده جنسيته الكندية؟
خطاب الكراهية ليس حرية تعبير، والتلويح بهتلر لم يعد يُضحك أحدًا. لقد كشف جيراندو عن وجهه الحقيقي: ليس محاربا للفساد، ولا مناضلًا، بل مروج فوضى، يخلط بين المرض النفسي والشهرة الزائفة، يبيع مواقفه بتدوينة، ويبدّل جلده بتعليق، ويظن أن الغرب – الذي يحتقر معاداة السامية – سيحتضن من يمجّد المحرقة أو يلمّح بتبريرها.
والسؤال الآن: هل تحرّكت الجهات الحقوقية والجمعيات المناهضة للكراهية في كندا أو أوروبا لمساءلته؟ وهل سنرى قريبًا سحبًا للاعتراف بأي وضعية قانونية لهذا المتبجّح، الذي ظن أن حرية التعبير تبيح له السباحة في مستنقعات العنصرية؟