الصيد في زمن كوفيد- صيادو كورنيش مارينا: ود ووفاء وأشياء متشابهات

الصيد في زمن كوفيد- صيادو كورنيش مارينا: ود ووفاء وأشياء متشابهات

- ‎فيمجتمع, واجهة
IMG 20200927 WA0008
إكسبريس تيفي
بحر الدار البيضاء شبه “غاضب”في أول سبت من خريف هذا العام، في وقتٍ وبائي كهذا، تغيرت عادات وحلت محلها أخريات، لكن رفقاء صنارة الصيد مازالوا على عهدهم أوفياء.
بين عشرة أمتار ومثيلتها، يقف شاخصاً صياد بيضاوي ينتظر أملاً معلقا في يد الأمواج، من ظهر لعصر، لا تختلف أوقاتهم إلا قليلا، ولا تفترق قصصهم كثيراً.
IMG 20200927 WA0005
من أجل قفة فارغة
” شاطئ المحمدية، ثم زناتة، وإلى هنا أخيراً استقر بي المقام. بعد منعي هنالك، وجدت الضالة هنا” على وقع هذه الكلمات المتلاحقة، بدأ في سرد تفاصيل يومه صحبة صنارته، طلب أن يتحدث دون اسم، وكذلك كان.
هل جاد البحر بسمكه إليك؟
” ربما السمك هاجر من هنا” يصدر ضحكة يطبعها الخجل، ويكمل حديثه بكلام متقاطع.
“أنا آتٍ إلى البحر من أجل البحر، وليس سمكة تثقل قِرابي، لا أعود دوما بشيء لكنني أعود بمتعة للذكرى”
يتحدث ذو 73 عاما عن زمن أمضاه، وعن تجارب مهنية خبرها بمجال الربط بالكهرباء، وعن العائلة، وعن سفر قصير بفرنسا.
وفي فصول حكيه، يتفقد القصبة التي لم تأتِ بشيء، ويعاود ذات الضحكة الخجولة خلف ثوب كمامته.
” قصبتي… رفيقة دربي”
على ساحلٍ سياجُهُ حديد، يحرسه من ذات اليمين مسجد الحسن الثاني، ومن ذات الشمال منارة الرأس البري( العنق)، يقف زوجان، في وضع يقظ، تتفاوت حركة رميهما في الزمن، وبين اللحظات تتودد الزوجة بالسؤال عن حال صنارتها على صفحات الماء.
في غضن هذه الألفة بين الاثنين، كان سؤال لماذا كورنيش مارينا تحديداً، وكان الجواب جغرافيا صرفاً من الزوج محمد واصل، فاعل جمعوي وإطار تربوي سابق. هما ساكنان قريبان، هناك جوار البنايات الزجاجية والإسمنتية، حيث طريق ساحل عين الذئاب فاصل إسفلتي.
” القصبة رفيق درب، تأخذ رعايتي، عنايتي، ووقتي” نثر محمد هذه الكلمات في هواء يغني رئتيه بهواء الليود حد وصفه، يتحدث و بصره جائل إلى مد بعيد يصل لسفن سابحة في العمق.
يسحب بلطف صنارته، ويقول بصورة أكثر وضوحا” صيد الشتاء لا يشبه تماما صيفه، فالأول وفير صيده عكس الثاني، قد تصطاد سمكا أكبر حجما” ويتبع هذه الكلمات بأخرى أكثر حزما وجدية” الصيد يجلب الفرجة، لكن في جو شتوي لا! وهذا امتياز للصيادين، الذين لا يتعدون في الغالب أربعين صياداً بالمدينة “.
موسم صيد البلاستيك
على مقربةِ بضع خطوات يجالس حسن صنارته، البحر أمامه، ومن وراءه وجوه من سكان المدينة، وأخرى ذات ملامح آسيوية أو أروبية عابرة حوله.
” لا أعود بشيء عند المساء، فقط أجلس هنا”ويستدرك” هنا أفضل من المقهى بأي حال، حتى ولو…”.
فاق حسن الأربعين سنة، يشتغل حرفيا، يقطن بعين الشق، ويتردد بشكل متواتر على كورنيش مارينا، “قبل الجائحة، كنا نحن الأصدقاء في الهواية، نجتمع على رمال شاطئ يقع ضاحية الدار البيضاء، كنا نعود محملين بغنيمة جيدة أما الآن وبهذا المكان لا يوجد شيء سوى القطع البلاستيكية أو ما يشبهها”.
أمام بصره غير الأمواج، نوارس عائمة على الصخر، وقطع بلاستيكية قانية الألوان مختلفة تتهادى .
الصياد الذي…
ترك أحد الأربعة سؤالا دون جواب، هل  الصيد بالقصبة هواية وشغف؟ هل هو شغف لمن يقضي بياض النهار على وقع التجاج الأمواج من أجل سمكة للبيع؟ هل هو نفس الشخص الذي يعتلي هذه الصورة بعدسة الكاميرا، وقد عبر السياج الحديدي دون سابق تردد، ودخل غمار بحر لجي، يرمي بصنارته بين مد وجزر، بين شروق وغروب.
أشرف النقاش
IMG 20200927 WA0017

Loading

‎تعليق واحد

  1. اختيارك للكلمات هو مايميز ابداعاتك صديقي .سلمت أناملك

  2. المقال فيه من إبداع ما فيه .. من تفاصيل جميلة و كلمات جذابة ???

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *