المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يرى أن المغرب على مستوى التشريع الجنائي يتساهل مع مرتكبي جرائم الاغتصاب خاصة الواقع على الأطفال وهو ما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الأطفال وحمايتهم ويفسح المجال لتصاعد هذه الجرائم .
وفي الغالب الأعم يتم اطلاق سراح الجاني بسبب التنازل الذي يقدمه الولي الشرعي للضحية ان كان قاصرا والموقع تحت الاكراه او بسبب الاغراء بمقابل مالي , كل ذلك سببه انعدام الوعي القانوني لدى عائلات الضحايا وغياب الموكبة القانونية والنفسية لهم خاصة وهم يعانون تحت وطأة ووقع الصدمة النفسية لعل الاغتصاب .
الامر يستدعي يقظة قانونية واجرائية في مواجهة الجاني او الجناة حيث انه على الرغم من تقديم التنازل لا يجب تمتيعهم بالسراح المؤقت مادام فعل الاغتصاب فيه مساس بالامن والسلم الاجتماعي الذي يهتز بواقعة الاغتصاب ولنا في حالة المرحوم عدنان بطنجة خير دليل لقوة الصدمة النفسية الجماعية التي يعاني منها عموم المغاربة فالوقع النفسي والصدمة الجماعية تستدعي تدخلا قانونيا واجرائيا صارما تحقيقا للردع العام .
الوقت حان لاعادة الحياة لمناقشة مشروع النص الجنائي الذي تم أقباره تحت قبة البرلمان منذ 2016 على اعتبار أنه مشروع يواكب النص الدستوري ل 2011 فهل هناك نوايا ذكورية تجد المتعة وتتلذذ لجرائم الاغتصاب الواقعة على أجساد الضحايا من الأطفال على وجه الخصوص قتلا وتنكيلا بالجثث .
اليوم في المغرب نحن في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لتأسيس المرصد الوطني للوقاية من الجريمة حفاظا على السلم والامن الاجتماعي ووصولا الى ممكنات استباقية للتصدي للجريمة والحد منها .
فحتى لا يتحول المغرب الى مؤشر إجرامي دولي في صنف الجرائم الجنسية خاصة الاغتصاب يجب ان نفكر في التصدي التشريعي والاجرائي الجنائي مع مراجعة المنظومة العقابية لهذا الصنف من الجرائم ,مع الشروع الاني الاستعجالي للمواكبة القانونية والنفسية لضحايا الاغتصاب وذويهم عبر منصات قانونية عن بعد غايتها تقديم الدعم والتوجيه .
الشق القانوني والحقوقي في للتعامل مع جريمة الاغتصاب.
تنص الفقرة الأولى في بندها السابع من المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واعتبرت الاغتصاب
فعل الاغتصاب او الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء او الحمل القسري او التعقيم القسري أو أي شكل من اشكال العنف الجنسي على مثل هذه الخطورة يشكل جريمة ضد الانسانية بموجب النظام الإنساني
وعلى الرغم من الخطورة الاجرامية لفعل الاغتصاب إلا أن العناية التشريعية والقانونية لتحقيق الردع العام ضد جريمة الاغتصاب تبقى ضئيلة وغير ذات فعالية حال العديد من الدول من ضمنها المغرب حيث المنظومة الجنائية غير واقية ولا استباقية للحد من جريمة الاغتصاب والتي تكون في الغالب الأعم مقرونة بأفعال جنائية أشد فتكا كالقتل أو التنكيل بالجثة أو إحراقها , ناهيك عن الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة عن فعل الاغتصاب بالنسبة للضحية ان مازال حيا وكذا بالنسبة لعائلته وأقاربه .
الأركان القانونية لجريمة الاغتصاب
تتحدد هذه الأركان في
1 فعل المواقعة غير المشروعة .
2 انعدام الرضا
3 القصد الجنائي .
اولا – المواقعة غير المشروعة
تكون بمواقعة رجل لانثى بايلاج عضوه التناسلي في المكان الطبيعي للمضاجعة ومواقعة ذكر لأنثى هي اغتصاب سواء كانت بكرا او ثيبا او متزوجة او مطلقة او ارملة ويتحقق الاغتصاب سواء تحقق الاشباع من عدمه ومواقعة ذكر لضحية من جنسه هو هتك عرض .
ثانيا -انعدام الرضا
لا يتحقق الاغتصاب الا بانعدام الرضى من طرف المجني عليها أو استعمال الجاني في تنفيذه لجريمة الاغتصاب وسائل القوة او التهديد او غير ذلك والتي من شأنها التأثير على إرادة الضحية فتمنعه من المقاومة او تفقدها الشعور , فمتى تأثرت الارادة والادراك لدى الضحية سلبا يعتبر الفعل اغتصابا .
ثالثا – القصد الجنائي
الاغتصاب جريمة عمدية تشترط القصد الجنائي للجاني من أجل تحققها واستخلاص القصد الجنائي من عدمه من اختصاص السلطة القضائية.
الاغتصاب بحسب الأرقام الرسمية:
تبعا للتقرير الحكومي سنة 2015 فإن المحاكم المغربية عالجت مايعادل 88% من ملفات الاعتداءات الجنسية التي تعرف حالات الاغتصاب وهتك العرض خلال هذه السنة.
سجلت وزارة العدل 12148 اعتداء جنسي، وبحسب الملفات المعروضة فإن أغلب النساء والأطفال ضحايا الاغتصاب وهتك العرض يتواجدون في المدن الكبرى.
كما كشف المرصد الوطني لحماية الطفولة أن هذا الاخير استقبل مابين 2009/2000 ،3708حالة اعتداء على الاطفال من بينها أكثر من ألف شكاية تتعلق بالاعتداء الجنسي على هذه الفئة العمرية وأن الذكور هم الاكثر عرضة للاعتداء الجنسي بنسبة 56% في حين يستقر الاناث بنسبة 40%.
الجدير بالدكر أن الآثار النفسية والصدمة لما بعد الاغتصاب تكون أشد وأقوى على الطفل.
وخلال سنة 2020 وكنموذج سجلت الدائرة الاستئنافية لقنيطرة 337 واقعة اغتصاب واختطاف واحتجاز وهتك عرض بعنف ، ناهيك عن ربط هذه الجرائم الجنسية بجرائم أخرى الكترونية تهم ابتزاز النساء والفتيات بسبب تسجيل الضحايا في أوضاع مخلة للحياء.
سعاد الخمليشي