مشهد في المهد…
فُتحت القاعات السينمائية، زَفّ الخبر فرحاً، أنفاسٌ يُعليها الشوق لمعانقة الشاشة الكبرى من جديد…
هم الهنود، ينتظرون، أربعةُ أيام فقط ويعودون لكراسي قاعاتهم السينمائية، أمام مشهد للرقص بين الروابي والحقول، أو قطار يعبر جوف البلاد بألف قصة وقصة… يعيشون ذلك بقرار من وزارة الداخلية، بمسافة أمان داخل القاعات- حسب المتفق-بسوائل معقمة، وبكمامة تغطي الفم والأنف، ولا تحجب عن العين مشاهد ساحرة تُراوح ضوء الشاشة، تكسر ظلمة القاعة الحالكة.
هم ينتظرون، ومغاربة ينتظرون…
في بلد تلونه البهارات، وترقصه “البانغرا” على إيقاعاتها، ويسليه “الهوكي”، ويجد تاريخاً له في كتب غاندي، وتمتعه بسحر السينما “بوليود”؛
في بلد موبوء، يختنق بسبعة ملايين إصابة وأكثر جراء فيروس كورونا الجديد،
في بلد آسيوي ينتج زهاء ألف فيلم سنويا؛ ستبدأ الخطوة بعد أمريكا، امبراطورية هوليود، ستعود مواسم الفن السابع، فماذا عن قاعات المغرب؟ بماذا يوحي صمتها؟ ومن يحيي الحنين إليها؟
قاعات الدار البيضاء… مشهد مصغر
تتجاور البنايات، وفي جوفها قاعة سينمائية، ليست عريقة، تتناسل في الأحاديث عند عشاق السينما أو لنعت جغرافي لأحدهم؛ سينما “لينكس”، وبالفصيح يرادفها ” الوشق”، واقعة بحي مرس السلطان، من بين 9 قاعات سينمائية في الخدمة، ودع شيء منها الحياة، وأخريات خارج الحساب صارت أطلالا، بمدينة سكانها فاقوا ثلاثة ملايين حسب آخر تعداد وطني.
خلف قضبان قاعة لينكس فراغٌ، صمت مطبق، ملصقات منتهية الآجال…
أيام تتشابه، في عهد جائحة كورونا، لا تذاكر ولا أشرطة، ولا مصباح متوهج ينطفئ بغتة.
في اتصال هاتفي، استوعبته دقائق معدودات، تحدث عبد الحق المبشور، عضو الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، تحدث باسترسال، بحرقة، وبمرارة، وحذو أمل.
” فتح القاعات من المستحيلات، حالة الطوارئ ممدة إلى أجل العاشر من الشهر القادم، ها قد تعقدت المشكلة!”
وسط غمرة هذا التنبؤ استهل المنتج السابق بالقناة الثانية حديثه، ووسطها كذلك يستدرك بنبرة واثقة” طالبنا بفتح القاعات على التعهد بالتزام تدابير مسافة الأمان، ارتداء الكمامات، والتعقيم…”
ويستدرك للمرة الثانية” مع هذا العدد الهائل لحالات الإصابة بالدار البيضاء مثلا… لا نظن أن تُفتح”.
يتأسف عبد الحق المبشور لنداءاته ونداءت رفقاءَ في الفن من أجل قاعات مفتوحة، نداءات أمطرت صفحات الفيسبوك دون “رد”، نداءات باسم النقابات المهنية وجهت لوزير الثقافة والشباب والرياضة لكنها كالسالف.
” بعد العيد…فقر موعود..جمال مفقود”
يقول عبد الحق مبشور في عين الاتصال:
” ماوقع حقا أعقب عيد الأضحى، كنا في حرص شديد، لو ما كان العيد ما وقع كل هذا”، يستدرك على عود، ” أي شيء يجمع الناس في الأسواق والعائلات يُنتظر له ذلك”.
يسترسل كما السابق في كلامه:
” صعب أن نتأقلم مع هذا الوضع، فقدنا أصدقاءنا”.
” كورنا لم يترك جمالا للذكرى”، كان الرد سريعا على سؤال هل ستصالح السينما المغربية كورونا، وتصير موضوعاً لأفلامها، وأتبع ذلك بعبارة” العالم يعاني حقا، الكل يخشى الوباء على الدوام”.
هذا هو الواقع، يعبر المبشور:
” عندما نحب الحياة؛ نحب السينما هذا هو الواقع، نبتغي الذهاب لصالات العرض، هنالك حيث ذاك الظلام، وتلك الصورة عالية الجودة، نرجو في القريب العاجل أن تلبي الحكومة نداءاتنا في القريب العاجل، بعد ثمانية أشهر من الانتظار”
حكى عبد الحق المبشور عن غيره، عن مشهد حقيقي لمن يعملون خلف كواليس الشاشات:
” بعض العاملين بالقطاع، لم يعد ينفعهم سلف ولا دَيْن، يبيعون أشياءهم من أجل العيش، مؤسف حقا، نرجو دعما والتفاتة”.
البحث عن تذكرة…
إن كانت تعيش القاعات السينمائية فيلما مشتت الأركان كهذا الذي جاء على لسان عبد الحق المبشور، فماذا عن قطع المسارح، كيف حال المسارح؟
في الهند ستفتح هي الأخرى، حسب الإعلان الرسمي، يوم 15 أكتوبر.
عوداً على بدء، في أولى لحظات الاتصال طرح هذا سؤال على عبد الحق المبشور، مسير مهرجانات سينمائية قبل زمن الوباء، فرد:
وإن تضاعفت التذكرة، هل ستذهب للسينما؟
” أجل… بكل فرح، بالطبع يا مرحبا!”.