ربما أخفق ماكرون و لم يكن سياسيا في خطابه الاندفاعي ضد التطرف. و لكن لا يجب أن ننسى أنه كان في خطابه يواسي أسرة و أصدقاء الأستاذ الذي قتل بسبب تدريسه لحرية المعتقد. مبدأ كوني تبنته فرنسا و باسمه يعيش مسلمون على أرضها في أمان.
الجريمة قاسية و دونما مبرر يقبله العقل.
أما الرئيس الفرنسي فهو رئيس دولة لائكية تحفظ حقوق اليهود و النصارى و المسلمين، دولة في ديموقراطيتها لم تستثنِ أمة محمد. فكم من أسرة مسلمة تعيش في فرنسا و تستفيد من تعويضات يشترك في تغطيتها فرنسيون، غالبيتهم بدون عقيدة حتى!
و هذا كان اختيار الدولة الفرنسية، لا يجب أن ننسى أن فرنسا فضاء كل ما يهم فيه هو الإنسان بغض النظر عن الديانات و العقائد.
الكاريكاتور المسيئة إلى نبي الإسلام لم تكن و لن تكون أبدا سببا في زعزعة عقيدتنا كمسلمين و للإسلام رب يحفظه على مدى القرون.
فهل هذا يبرر قتل إنسان كان يؤدي مهامه كأستاذ؟
صورة غير متزنة على الإطلاق!
من يحاول اليوم التصعيد في هذا الاتجاه عليه أن يكون صريحا مع نفسه: ما هو الأمر الأبشع : رسم أو كاريكاتور، الكل يستطيع أن يغضّ نظره عنه أو إزهاق روح فقط لأن الشخص في مهامه التدريسية حاول أن يغذي فكر تقبل الاختلاف لدى شباب كان مسؤولا عن تعليمهم؟
من يدعو إلى مقاطعة منتوجات فرنسية هو فقط يخدم فكرا متطرفا و يزرع بذور الكراهية و ربما عن دون وعي حتى.
إن الاستاذ الفرنسي المقتول، شهيد الديموقراطية، و شهيد الإنسانية. و لا يسع أي إنسان إلا أن يتألم لقسوة قلوب بعض من يدعون الإسلام.
هنا لن يجدو إلا التذكير بأن حرية المعتقد، مبدأ أخلاقي لن يحقق السلم في العالم بدون تبنيه علنا و ترسيخه في المجتمعات.
فالله مكّن الإنسان من حرية الاعتقاد بإعطائه عقلا يفصله عن عالم الجهل و غريزة الاكتساب
التي تمتلكها الحيوانات
و هذا يجعله قادرا على التفكير لإدراك الحقائق.
فمن رفض ذلك إنما هو كسل و تكاسل أو خدمة لأجندات سياسية لا علاقة لها بالإسلام والإنسانية.