مشاهدات فحسب!
تتفقدان قطعة بلور تبرقُ على ضوء أبيض، يدٌ تسرح عبر تجاويف رنة ثلج، وحيدة دون راكبها ” بابا نويل”… يحدث هذا في متجر بطوابق، في مساءٍ خريفي بيضاوي صيفي المسحة صحرائي…
تتهامسان في حيرة:
– كم هي رائعة أمي!
نظرات تتحسس بطاقةً غاب ثمنها…
– مدهشة حقا! ترى كم قطعة نقدية تُدفع ثمنها؟
الأم مناديةً…
– من فضلك، ما قيمتها؟
– 60 درهماً
تصلبت النظرات، حل إخراس، واجمتان في تردد…
عادت القطعة لموضعها، وقع القول في سمعها موقع صاعقة…
ماعشناه قصصا، في لمح قصير، في مقطع كلمات أعلى، موقف عابر، لاثنين أو ثلاثة أو زيادة، جذبهم شيء من الانبهار، رهنت وجدانهم بضائع قبل أوانها، مايشبه” بيع القباقيب في الشتاء”، كقولِ مثل كوري قديم أيام جوسون…
أربعينية في وجه هذه السنة لتغادر خط الزمن البشري، أربعينية قبل موتها، والموت أمنية تمناها الكثير لها، بادعاء الشؤم وبعض من بؤس… أ ليغادر البؤس لتحل محله البهجة، بزغت هذه الصور مُقمرة، صور الاحتفال البعيد، صور الكرات الإبريزية البلاستيكية، وشموع 2021، وشجرة الميلاد، وبابا نويل.
لا عليكم! طبق الحلوى هو الأخير …في ليله، هو كذلك!
في ما سفل من المتجر، أشياء صغيرة، بلون ولون، شجرة الميلاد وعلى مسافة قدم أخرى، شقيقتها…جائلون حولها، خطوهم يحيك الأزرار، ملتوٍ مباغت.
قبالة الشجر، يتبادلان من الحديث ما تيسر، في نصف عناق، أول انطباع؛ من كوكب العشاق…
– رائع للغاية
على عجل تنبت الكلمات من فيه:
– بالطبع سنأخذ هذه، وهذين وربما تلك
– سنحتفل بيسوع، أهو احتفال بيسوع ؟
– لا أدري، هَمُّنا، احتفالنا لا غير !
يغادران الفناء المركون، في مقصد نحو ارتقاء درج ما فوق، دون حمل شيء…
في الطابق الثاني، العاشقان يطاوعان المشيات، نضجت تعبر من شفاههم ضحكات…
في ركن محجور؛ أسرة صغيرة حديثة عهد، يداعب الوالدان الصغير على بساط بابا نويل وخيام منصوبة للصورة نفسها، تلتقطه عين كاميرا الهاتف؛ صورة حية لأجلها وكفى!
“بابا نويل” منتصب القامة لا يمشي، بلاستيكي، أحشاؤه من هواء، سلامه بيمين الذراع العالية… الوجوه تسير، تدهشها طائرة ضخمة أوصالها كذلك من نفرِ زفر… رآها طفل عابث، صرخ عاليا: أمي طائرة”، عاود الكرّة، رسم لوحة الصرخة على جسر متعة صغيرة…
طابق وطابق، دقيقة ودقيقة، لا أثر للتُحف وديكورات عيد بعيد، اختفى الكل…
في الخارج، عبر حائط زجاجي، الحياة عادية، مكبّون على الوجوه، عائدون سائرون.
لا توقف!
على رصيف ممدود، ب” درب عمر” النابض تجارةً (قبل زمن وباء خفف النبضات)، لا شيء من ضيف جديد قادم، لا حس لسنة جديدة لآتية، حلويات دائمة الوجود ليست كتلك
الكريمية ذات الطوابق! تلك “المنتظرة”…
ما يُواقت الزمن، حب الرمان ليس إلا، سيد من سادة الخريف…