وضع الريال لا يحسد عليه هذا الموسم، فبعد أن كان النادي يتباهى بعدم لعبه في “اليوروباليغ”، منذ موسم 1995-1996، أصبح النادي يعيش تحت ضغط منافسة صغار القارة بدل كبارها،فالميرينغي يحتل المركز الثالث (المؤهل للدوري الأوروبي) في المجموعة الثانية بفارق الأهداف عن شاختار دونيتسك صاحب المركز الثاني، الذي هزمه امس الثلاثاء بهدفين دون رد.
و أضحى الفرنسي زين الدين زيدان مدرب الفريق بدوره تحث ضغط كبير، فأرقامه ضعيفة هذا الموسم، إذ خسر مباراتين في دور المجموعات، وهو مجموع ما خسره الفريق في دور المجموعات في النسخ الثلاث الماضية من البطولة، أما خياراته تثير الاستغراب في المباريات الأخيرة، خاصة في الهزيمة ضد فالنسيا (4-1)، حيث قرر تعويض غياب كاسيميرو المصاب بفيروس كورونا بإيسكو، وترك كروس على مقاعد البدلاء،من ناحية أخرى، لم يكن مفهوماً اعتماده على مارسيلو، على حساب ميندي الذي لم يتم استدعاؤه لتمثيل المنتخب الفرنسي.
و قد يكون وضع الفريق أيضا غريبا بعض الشيء على اللاعبين و إدارة النادي اللذان تعودا على مواسم حصد الأخضر و اليابس، لكن الظروف الحالية يتحملان فيها قسطا وافراً من المسؤولية. من مخضرمي الريال الذين فقدوا لياقتهم العالية و غدت مشكلة مزمنة داخل النادي ، خاصة في حالتين هما مارسيلو وإيسكو، و فاران الذي فقد البوصلة منذ أن أصبح بطلا للعالم مع فرنسا في روسيا، ليبرز بعدها كنقطة ضعف كبيرة بتسجيله هدفين ضد مرماه مع الريال هذا الموسم، إلى صغارها أسينسيو و ميليتاو و يوفيتش و فينيسيوس، الأول منحه زيدان فرصة لعبه دون قيد أو شرط، لكن اللاعب مقتنع بفكرته “أنا لست الشخص الذي يتعين عليه سحب سيارة النادي، فهناك لاعبون كانوا هنا لسنوات عديدة، وأكثر خبرة، ولديهم مكانة أعلى، وهم من يجب أن يسحبوا السيارة” و الثاني ضمه كلف 50 مليون يورو، دون أن يكون له دور محوري في الفريق حتى الآن. و الأمر ينطبق أيضاً على الثالث و الرابع، ثنائي كلف خزينة النادي 105 مليون يورو، مبلغ يفوق ما خصصته إدارة البايرن لشراء فريق أسقط كبار القارة، بل أثقل كاهلهم بنتائج بلغت 7 و 8 أهداف في مباراة واحدة و أدخلتهم في أزمات خانقة، حتى أزيح بارتوميو من كرسي رئاسته، و خرج من تاريخ برشلونة من أضيق الأبواب، و كاد ميسي أن يخرج بدوره و يدير ظهره، و ينهي قصة حبه مع”البلاوجرانا” بفراق صعب.
و لطالما جلبنا الحديث عن فلورنتينو بيريز وطريقة إدارته لريال مدريد وأسلوبه الذي يتمحور حول الدهاء، واضعاً المصلحة فوق كل اعتبار في سبيل الوصول إلى ما يريد تحقيقه، الشيء الذي جعله تحت الأضواء على الدوام ومادة دسمة للأقلام، لكن دوام الحال من المحال، فالرئيس الأقوى في العالم و إدارته نجحوا في غزو أوروبا بأكملها، و وصلوا إلى قمة العالم، لكن الإستمرار فيها هو إختبار صعب فشل فيه فلورنتينو بيريز، سياسة الإنتقالات المتبعة في أخر موسمين كانت فاشلة، هازارد الذي عقدت عليه آمال تعويض كريستيانو رونالدو، يكاد أن يكون أكثر نجوم كرة القدم تعرضا للإصابات، فمنذ انتقاله إلى ريال مدريد، غاب 297 يوما، فما يبدو شيئًا بسيطًا أصبح في حالة البلجيكي مهمة مستحيلة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فلم يجرِ ريال مدريد أي صفقة في سوق الانتقالات الصيفية الماضية لأول مرة منذ عام 1981، وفي ذلك الوقت وصل الفريق إلى نهائي كأس أوروبا،وهو أمر يبدو صعب التكرار بتشكيلة لا يشعر فيها اللاعبون الأساسيون بتهديد من عناصر قوية في بنك الإحتياط، و فقط مجلس الإدارة لديها الجواب على عدم وجود تعاقدات: أحد الاحتمالات هو أنهم يدخرون لخطف مبابي من حديقة الأمراء، والآخر هو تكاليف تجديد ملعب “البرنابيو” (ما يقرب من 600 مليون يورو للدفع في 30 سنة)، و الأكثر من ذلك أنه ثم تسريح لاعبين سطعت أسمائهم في سماء الدوريات الخمس الكبرى، أبرزهم المغربي أشرف حكيمي لاعب إنتر ميلان الحالي،الذي تألق مع بوروسيا دورتموند خلال فترة إعارته،و انتقل فور انتهائها إلى النيراتزوري في حين كان بمقدور بيريز و زيدان المحافظة عليه، الأخير فضل كارفخال،الذي تراجع مستواه كباقي زملائه، بغياب نِدٍ قوي ينافسه على مركزه.