كم نحن بؤساء!

كم نحن بؤساء!

- ‎فيتكنولوجيا, رأي, شن طن, واجهة
الذكاء الاصطناعي
إكسبريس تيفي

نجيبة جلال

بينما يقف العالم على عتبة تحولات جذرية مدفوعة بتكنولوجيا “ما بعد الإنسانية” (Transhumanism)، نجد أنفسنا في المغرب عالقين في معارك تبدو كاريكاتورية؛ إذ يعيش الصحفيون حالة من الذعر من صعود المؤثرين على “يوتيوب”، متخوفين من أن يفقدوا مكانتهم في الفضاء الرقمي. إنه صراع بائس يشبه التنافس على مقعد في غرفة تتداعى جدرانها تحت ضغط التحولات الكبرى.

في الوقت الذي يعمل فيه إيلون ماسك على تكنولوجيا تمكّن العقل البشري من الاندماج مع الآلات عبر مشروع “نيورالينك”، ومع استعداد العالم لتجاوز الحدود البيولوجية للإنسان، نجدنا هنا منشغلين بالخوف من شباب يقدمون محتوى رقميًا. وكأننا نكافح طواحين هواء، غير مدركين أن الفضاء الرقمي التقليدي الذي نعرفه بات في طريقه إلى الاندثار.
اكتشفت صدفة البارحة، أن ابني، الطالب في معهد الفنون، يعمل على مشروع إبداعي عن “ما بعد الإنسانية”، حيث يصمم حمامة هجينة ذات أجنحة مبرمجة. وبينما هو غارق في تخيل مستقبل تتشابك فيه التكنولوجيا مع الفن، نضيع نحن في جدالات عقيمة حول من يملك حق التأثير: الصحفيون أم “اليوتيوبرز”. يا له من واقع بائس، حيث يعجز الكثيرون عن استيعاب حجم التحولات القادمة.
العالم يتغير بوتيرة أسرع مما نتصور. في المستقبل القريب، لن يكون هناك مجال لهذا الجدل حول الصحفيين والمؤثرين، إذ قد تصبح الصحافة نفسها جزءًا من منظومة رقمية أوسع، أو يتم استبدالها بذكاء اصطناعي يقدم الأخبار بسرعة ودقة فائقة. بدلًا من الانغماس في صراعات تافهة، علينا أن نستفيق على الحقيقة: العالم الرقمي يتغير بسرعة، ونحن إما أن نلحق به أو نتخلف عنه.
في ظل السباق نحو “ما بعد الإنسانية”، لا مجال للجمود أو التردد. وبينما يخطو العالم نحو مستقبل مليء بالتكنولوجيا المعززة والمجتمعات الفضائية، نظل نحن غارقين في صراعات فكرية هامشية، غير واعين بأن المستقبل الذي نخافه قد بدأ بالفعل.
! حقا ، كم نحن بؤساء في ظل كل هذا.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *