التنافس التكنولوجي بين الصين وأمريكا: شركة DeepSeek تطلق نموذج R1 وتزعزع وادي السيليكون

التنافس التكنولوجي بين الصين وأمريكا: شركة DeepSeek تطلق نموذج R1 وتزعزع وادي السيليكون

- ‎فيتكنولوجيا, واجهة
DeepSeekDeepSeek
إكسبريس تيفي

 متابعة

في مشهد التنافس التكنولوجي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة، ظهرت شركة DeepSeek الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لتتسبب في صدمة كبيرة في وادي السيليكون، بعدما كشفت عن نموذجها اللغوي الكبير R1، الذي يُعدّ منافسًا لنموذج O1 الذي أطلقته OpenAI في ديسمبر الماضي.

هذه الخطوة لم تثير الإعجاب فقط، بل فجرت نقاشات حادة حول قدرة الشركات الأمريكية الكبرى مثل ميتا وأنثروبيك (Anthropic) على الحفاظ على تفوقها التقني، خاصة بعد أن برزت DeepSeek كمنافس جديد يهدد مكانتها. وفي الصين، تحوّل مؤسس الشركة ليانج ونفينج إلى رمز وطني يجسد طموحات البلاد في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وبدأ ليانج ونفينج، مؤسس DeepSeek، مسيرته في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل غير تقليدي. ففي عام 2021، بينما كان يدير صندوقه للتداول الكمي High-Flyer، قرر فجأة شراء الآلاف من وحدات معالجة الرسومات من شركة إنفيديا لأغراض تتعلق بمشروعه الجانبي في الذكاء الاصطناعي. حينها، لم يعره أحد الاهتمام، إذ اعتقد الكثيرون أن هذه مجرد هواية جديدة لملياردير.

لكن هذا التصرف الغريب كان بداية لنجاح غير متوقع. بنى ليانج ثروة ضخمة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات المعقدة لتحليل البيانات والتنبؤ بحركة الأسواق المالية، وانتقل هذا الفريق الذي طوره إلى DeepSeek ليمنحها ميزة تنافسية قوية.

ومع فرض الولايات المتحدة حظرًا على تصدير أقوى شرائح إنفيديا إلى الصين، اضطرت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية إلى إيجاد حلول مبتكرة للتغلب على نقص الموارد، وهو ما كان فريق DeepSeek مستعدًا له. ليانج وفريقه يمتلكون القدرة على استغلال وحدات معالجة الرسومات المتاحة بكفاءة عالية، وهو ما جعلهم يتفوقون على منافسيهم رغم محدودية الموارد.

وتركز DeepSeek بشكل كبير على البحث العلمي. الشركة تفتخر بتقديم بيئة عمل تشبه حرمًا جامعيًا للباحثين الجادين. كما تحرص على جذب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال دفع رواتب مرتفعة، وهو ما يجعلها منافسًا قويًا في الصين بجانب شركات مثل ByteDance المالكة لتطبيق تيك توك.

ويستخدم ليانج أرباح صندوقه لتوفير التمويل اللازم لهذه الرواتب العالية، مما يساعد الشركة على اجتذاب أكبر الخبراء في هذا المجال. كذلك، تهتم DeepSeek بالبحث الهندسي أكثر من الربح التجاري، ما جعلها تُشبه في روحها شركة ديب مايند التابعة لـ جوجل في أيامها الأولى.

وعلى الرغم من أن DeepSeek تسعى للتفوق عالميًا، إلا أنها تفتخر بهويتها الصينية. ليانج أسس الشركة ككيان محلي معتمد على خريجي أرقى الجامعات الصينية مثل بكين وتشينخوا. هذه الهوية جعلت الشركة تحظى بقبول كبير في الأوساط المحلية، حيث يُنظر إليها كمثال على قدرة الصين على ابتكار تقنيات جديدة من دون الاعتماد على الخبرات الغربية.

كما أن النتائج التي حققتها الشركة حتى الآن مبهرة، حيث تمكنت من بناء نموذج لغوي ضخم يتكون من 671 مليار معلمة باستخدام 2048 وحدة معالجة رسومات فقط، وهو ما يُعدّ جزءًا بسيطًا من الموارد التي تستخدمها شركات مثل OpenAI وجوجل لتدريب نماذج مماثلة.

وتمثل DeepSeek تحديًا مباشرًا لأكبر الشركات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي. في ديسمبر 2024، أطلقت OpenAI إصدارها النهائي من نموذج O1، بينما أطلقت جوجل نموذج Gemini 2.0. ورغم التفوق التكنولوجي لهذه الشركات، تمكنت DeepSeek من إطلاق نموذجها R1 الذي يعدّ تحديًا حقيقيًا لهذه الشركات، خاصةً بعد أن كشفت في ورقة بحثية عن طريقة بناء هذا النموذج بموارد محدودة، وبطريقة تسمح له بالتعلم الذاتي والتطور المستمر.

وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها DeepSeek حتى الآن، يظل مستقبلها غير مضمون. فالمنافسة مع الشركات الأمريكية تزداد قوة، والشركات الكبرى مثل OpenAI وجوجل تسعى إلى تعزيز قدراتها بشكل مستمر من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية. ورغم ذلك، فإن DeepSeek تتطلع إلى استغلال بيئة البحث العلمي الفريدة التي تتمتع بها، والاستمرار في تطوير نماذجها القادرة على التعلّم والتفكير بكفاءة عالية.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *